المؤمن يكون قد عمل السيّئة فشدّد عليه عند الموت ليكون بها ، وإنّ الكافر يكون قد عمل الحسنة فيهوّن عليه عند الموت ليكون بها (١).
قوله : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) : أي على بيان ويقين. قال بعضهم : يعني محمّدا صلىاللهعليهوسلم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) : قال الحسن : (شاهِدٌ مِنْهُ) : لسانه ، يعني النبيّ عليهالسلام. وفي تفسير الكلبيّ : (شاهِدٌ مِنْهُ) : جبريل ، أي : شاهد من الله.
قال : (وَمِنْ قَبْلِهِ) : قال الكلبيّ : ومن قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) : أي التوراة (إِماماً وَرَحْمَةً) : يقول : تلا جبريل على موسى التوراة إماما ورحمة.
وقال ابن عبّاس : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) قال : هو المؤمن. (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) أي : من أهل الكتاب. قال : (وَمِنْ قَبْلِهِ) أي : من قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) أي : التوراة (إِماماً) أي يأتمّ به من قبله (٢) وعمل به ، (وَرَحْمَةً) له.
قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) : يعني المؤمنين يؤمنون بالقرآن والتوراة والإنجيل. (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) : أي بالقرآن (مِنَ الْأَحْزابِ) : أي من اليهود والنصارى (٣). قال الله : (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) : أي في شكّ منه. يقول للنبيّ عليهالسلام : ومن يكفر به فالنار موعده (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١٧).
قال : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) هل يستوي هو ومن يكفر بالقرآن والتوراة والإنجيل ؛ إنّهما لا يستويان عند الله.
__________________
(١) كذا ورد هذا الحديث في المخطوطات الأربع بهذه العبارة : «ليكون بها» ولم أوفّق لتحقيقها ، ولعلّ في الحديث نقصا. ولم أجد الحديث فيما بين يديّ من المصادر والمراجع حتّى أضبطه وأصحّحه.
(٢) في المخطوطات : «من قبل وعمل به».
(٣) اقتصر المؤلّف هنا على تأويل (الأحزاب) باليهود والنصارى. ولكنّ سعيد بن جبير عند ما روى عن ابن عبّاس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قوله : «ما من أحد يسمع بي من هذه الأمّة ولا يهوديّ ولا نصرانيّ ولا يؤمن بي إلّا دخل النار» ، نزع بهذه الآية : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) وقال : الأحزاب الملل كلّها. وقال قتادة : الكفّار أحزاب كلّهم على الكفر. وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٨٠.