(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٣).
قال : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) : فيأتوا بعشر سور مثله ، ولن يفعلوا ، يعني الأوثان ، (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ) : أي القرآن (بِعِلْمِ اللهِ) : أي من عند الله (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٤) يقول : قل لهم : فهل أنتم مسلمون ، وهو كقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (٢٥) [الأنبياء : ٢٥].
قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) : يعني المشرك الذي لا يؤمن بالآخرة (١) (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ) : [أي جزاء حسناتهم] (٢) (فِيها) : أي في الدنيا. (وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) (١٥) : أي في الدنيا (لا يُبْخَسُونَ) أي : لا يظلمون ، لا ينقصون حسناتهم التي عملوها في الدنيا. يجازون بها في الدنيا.
(أُولئِكَ) : يعني المشركين (الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦) : أي من حسنات الآخرة ، لأنّهم جوزوا بها في الدنيا. ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله : الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر (٣).
ذكروا عن الحسن قال : قيل يا رسول الله : هذا المؤمن المعروف إيمانه شدّد عليه عند الموت ، وهذا الكافر المعروف كفره يهوّن عليه عند الموت. قال : سأخبركم عن ذلك ؛ إنّ
__________________
ـ دون الله». ويبدو أنّ تأويل قوله تعالى : (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) بالأوثان لا يؤدّي معنى العموم الذي يدلّ عليه اسم الموصول (من) وأرى إبقاء اسم الموصول على عمومه وإطلاقه أولى من تخصيصه وتقييده ، خاصّة إذا ذكرنا قوله تعالى من سورة الإسراء : ٨٨ (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).
(١) وهذه الآية أيضا أعمّ من أن تقصر على المشركين ، فقد قال مجاهد : إنّهم أهل الرياء ، وقال قتادة : هي في اليهود والنصارى. وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٦٢ ـ ٢٦٨.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٤٤.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق ، وهو أوّل أحاديث الكتاب (رقم ٢٩٥٦). وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد ، باب مثل الدنيا ، (رقم ٤١١٣) كلاهما يرويه من حديث أبي هريرة ، وانظر ما مضى ، ج ١ ، تفسير الآية ٣٢ من سورة الأنعام.