عند ربّهم (١) أي إنّهم يثابون به الجنّة. كقوله : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (٤٤) [الروم : ٤٤].
(قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) (٢) : يعنون القرآن. وبعضهم يقرأون : (لَساحِرٌ مُبِينٌ) يعنون النبيّ ، وهم مشركو العرب. فأراد الله أن يحتجّ عليهم وأن يبيّن لهم ؛ فقال تبارك وتعالى :
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، وفيها إضمار ؛ قال في آية أخرى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) [السجدة : ٤] (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) : والأيّام كلّ يوم ألف سنة. قال : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٤٧) [الحج : ٤٧].
قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ).
ذكروا عن الحسن أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما لأصحابه : ما تسمّون هذه ، أو قال : هذا؟ قالوا : السماء. قال : هذه الرقيع ، موج مكفوف ، وغلظها مسيرة خمسمائة سنة ، وبينها وبين السماء التي فوقها مسيرة خمسمائة عام وغلظها خمسمائة سنة ، وبينها وبين السماء الثالثة مثل ذلك ، حتّى عدّ سبع سماوات وأرضين هكذا. قال : وبين السماء السابعة وبين العرش كما بين سماءين. وغلظ هذه الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وبينها وبين الثانية مسيرة خمسمائة عام ، وبينها وبين الثالثة مسيرة خمسمائة عام ، حتّى عدّ سبع أرضين هكذا (٢).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أذن لي أن أحدّث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى ، وعلى قرنه العرش. وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة
__________________
(١) هذا لفظ قتادة. وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة ، ج ١ ص ٢٧٣ : «مجازه : سابقة صدق عند ربّهم ؛ يقال : له قدم في الإسلام وفي الجاهليّة». أمّا الطبريّ فقد رجّح في تفسيره ، ج ١٥ ص ١٦ قول من قال : «معناه أنّ لهم أعمالا صالحة عند الله يستوجبون بها منه الثواب».
(٢) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٢١ من سورة البقرة (التعليق).