فيعظها بالقول ، فإن أبت (١) هجرها ، فإن أبت ضربها ضربا غير مبرح ، أى غير شائن. قال بعضهم : ثمّ يرتفعان إلى السلطان.
قوله : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) : أى إذا تركته يغشاها فلا يطلب عليها العلل. وقال الحسن في قوله : (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) : لا يقربها. وقال الكلبيّ : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) : أى : لا تكلّفوهنّ الحبّ ، فإنّما جعلت الموعظة لهنّ في المضجع والسبّ في المضجع ، والضرب في المضجع ؛ ليس على الحبّ ، ولكن على حاجته إليها. (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) (٣٤).
قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما) : أى : اختلافا ، أى : إن نشزت المرأة حتّى تشاقّ زوجها (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ) : أى من أهل الرجل (وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) : أى من أهل المرأة (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) (٣٥) (٢) : أى إذا نشزت ورفع ذلك إلى الإمام بعث الإمام حكما من أهل المرأة وحكما من أهل الرجل يصلحان بينهما ، ويجمعان ولا يفرّقان ، وينظران من أين يأتي الضرر والمدافعة ؛ فإن اصطلحا فهو من الله ، وإن أبيا ذلك وأبت المرأة إلّا النشوز وقّفها (٣) الإمام على النشوز ؛ فإن افتدت من زوجها حلّ له أن يخلعها ، والخلع جائز عند السلطان وغيره.
وقال بعضهم : فابعثوا حكما عدلا من أهلها وحكما عدلا من أهل الرجل ينظران في النصيحة لهما فيعظان الظالم ؛ وذلك أنّه يخلو حكم الرجل بالرجل فيقول : أخبرني بما في نفسك فإنّي لا أستطيع أن أفرّق أو أجمع إلّا بأمرك. فإن كان الرجل هو الناشز الظالم قال له : فرّق بيني وبينها ، فلا حاجة لي فيها. وإن لم يكن هو الناشز قال له : أرضها من مالي بما أحبّت ولا تفرّق بيني وبينها. ويخلو حكم المرأة بالمرأة فيقول : أخبريني بما في نفسك. فإن كانت هي الناشزة قالت له : أعطه من مالي ما شاء وفرّق بيني وبينه. فإن لم تكن هي الناشزة قالت له : اتّق الله ولا تفرّق بيني وبينه ، ولكن استزده لي في نفقتي ، ومره أن يحسن إليّ. ثمّ يلتقي الحكمان. وقد علم كلّ منهما ما قال له صاحبه.
__________________
ـ في اللسان (نشز.)
(١) في ع : «انزت» ، وفي د : «أبوت» ، وهو تصحيف صوابه ما أثبته : «أبت». وفي ز : «عصت».
(٢) لم تورد المخطوطتان ع ، ود آخر هذه الآية ، والصواب إثباته هنا لأنّ ما يلي تفسير له.
(٣) كذا في ع ، وفي ز ورقة ٦٤ : «وقّفها» بالتشديد ، وهو الصحيح ، أى : بيّنه وأوضح لها خطره وضرره.