١٨٨ ـ وقال بعضهم من قبل أبيه هو الّذي علّمه ومنه تعلم ولا يجوز غير ذلك.
١٨٩ ـ فأنكر ذلك عليهم الباقون من أصحابهم وقالوا لم يكن ذلك من قبل أبيه وتعليمه ايّاه لأنّ أباه حمل إلى خراسان وأبو جعفر ابن أربع سنين واشهر من كان في هذا السن فليس في حدّ من يستفرغ تعليم معرفة دقيق علوم الدين وجليله ولكنّ الله علّمه ذلك عند البلوغ بضروب ممّا تدلّ (١) جهات علم الامام مثل الالهام والنكت في القلب والنقر في [F٨٣ b] الاذن والرؤيا (٢) في النوم والملك المحدّث له ووجوه رفع المنار له والعمود والمصباح وعرض الأعمال عليه ، لان ذلك كلّه قد صحّ بالأخبار الصحيحة القويّة الأسانيد انّها من علامات علوم الامام وجهاتها ، فلا يجوز دفعها وردّها ولا تكذيب مثلها لصحّة مخارجها.
فأمّا قبل البلوغ فهو امام على معنى انّ الأمر له دون غيره وانّه لا يصلح في ذلك الوقت لموضع الامامة غيره إذ قد اوصى أبوه إليه وقلّدنا إمامته وإذ لا ولد لأبيه غيره.
١٩٠ ـ وقال بعضهم بمقالة هؤلاء في انّه امام على معنى انّ ذلك المقام له (٣) ، دون غيره إلى وقت البلوغ لا يجب له طاعة وأمر ونهى ، وليس عليهم إلّا الاقرار بانه الامام لا غيره ، فاذا بلغ علم العلوم الّتي تحتاج الامّة إليها لدينهم ودنياهم لا من جهة الالهام ولا النكت والنقر والملك المحدّث ولا بشيء [a٤٨ F] من الوجوه الّتي ذكرها الفرقة المتقدّمة ، لانّ الوحى من جميع جهاته وفنونه منقطع بعد النبىّ باجماع الامة ، وانّ الالهام انّما هو ان يلحقك عند الخاطر والفكر معرفة شيء قد كانت تقدّمت معرفتك به من الامور النافعة لك فذكرته ، وذلك لا يعلم به الأحكام والفرائض والسنن وشرائع الدين على كثرة اختلافها وعللها قبل ان يوقف بالسمع منها على شيء ، لانّ اصحّ الناس فكرا وارجحه عقلا (٤) واكمله خاطرا
__________________
(١) مما يدل (النوبختى ص ٨٩).
(٢) الرؤيا الصادقة (النوبختى ص ٨٩)
(٣) ان الامر له (النوبختى ص ٨٩).
(٤) اوضحه خاطرا (النوبختى ص ٨٩).