فاقرّوا بذلك فاستتابهم ، وأمرهم بالرجوع عن هذا القول والتوبة منه ، فأبوا أن يرجعوا (١) عن ذلك وقالوا (٢) هو ربّنا وهو يفنينا شهداء وكما شاء ، كما قتل من قتل من شاء من أنبيائه ورسله وأوليائه على يدي من شاء من خلقه وأمات [b٧٥ F] بعضهم بالهدم والغرق وأنواع الآفات والبلايا ، وسلّط عليهم السباع وقبض ارواح بعضهم فجأة ، وبالعلل وكيف شاء ، وذلك له أن يفعل ما يشاء بخلقه لا يسأل عمّا يفعل. فثبتوا على ذلك إلى اليوم وادّعوا ان اسلافهم مضوا على ذلك ولكنّهم كتموه عن الناس وكان كتمانهم ذلك ذنبا منهم يتوب الله عليهم منهم وليس ذلك يخرجهم من الايمان ، ولا من طاعة إمامهم لانّهم تأوّلوا في فعلهم امرا من التقية أخطئوا فيه وهو يرحمهم.
١٣٤ ـ وأمّا الشيعة العلوية الّذين قالوا بفرض الامامة لعليّ بن أبي طالب من الله ورسوله ، فانّهم ثبتوا على إمامته ثمّ إمامة الحسن ابنه من بعده ، ثمّ إمامة الحسين من بعد الحسن ، ثم افترقوا بعد قتل الحسين رحمة الله عليه فرقا.
١٣٥ ـ فنزلت فرقة منهم إلى القول بامامة ابنه عليّ بن الحسين يسمّى [a٨٥ F] بسيّد العابدين ، وكان يكنى بأبي محمّد ويكنى بأبي بكر وهي كنيته الغالبة عليه ، فلم تزل مقيمة على إمامته حتّى توفّى رحمة الله عليه بالمدينة في المحرم في أوّل سنة أربع وتسعين ، وهو ابن خمس وخمسين سنة ، وكان مولده في سنة ثمان وثلثين وقال بعض الرواة عن جعفر بن محمّد انّه توفّى وهو ابن سبع وخمسين سنة وأربعة عشر يوما وأمّه أمّ ولد يقال لها سلافة وكانت سبيّة وكان اسمها قبل ان تسبى جهانشاه وهي ابنة يزدجرد بن شهريار بن كسرى بن هرمز ، وكان يزدجرد (٣) آخر ملوك فارس ، وكانت إمامته ثلثا وثلثين سنة.
١٣٦ ـ وفرقة قالت انقطعت الامامة بعد الحسين إنّما كانوا ثلاثة أئمّة مسمّين
__________________
(١) وفى حاشية المتن : «فقتلهم وصلبهم ثم احرقهم وابى بقيتهم ان يرجعوا.
(٢) وقالوا المنصور ربنا وهو يقتلنا (النوبختى ص ٥٣).
(٣) شهريار بن كسرى ابرويز بن هرمز (النوبختى ص ٥٤).