بطنه إنّما كان مذهبه في ذلك الكستج تعالى الله عن ذلك وعمّا يصفون.
١٢٢ ـ وحكى محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين عن يونس بن عبد الرحمن ان الغلاة يرجعون على اختلافهم إلى مقالتين هما أصلهم في التوحيد.
فاحدى المقالتين انّهم يقولون ان الله يتراءى لمن شاء فيما شاء كيف شاء في عدله ، اذ يرى من نفسه ما يرى من خلقه ، فلم يجز ان يتراءى لهم إلّا في مثل ما يعرفونه ، لكى يكونوا آنسين بهم ، ولما يدعوهم إليه اسرع فلقوله اقبل فيريهم في مرأى العين نفسه إنسانا وليس هو بانسان من جهة اقتداره على ما أراهم نفسه به.
والمقالة [a٠٥ F] الثانية انّهم قالوا : انّه في ذاته وكنهه (١) روح القدس ساكن في مسكون فيه ، والمسكون حجابه ولا يوجد أبدا إلّا بصفته ، وصفة غيره ، غير انّه في وقت احتجابه على خلقه لم يجد بدّا من أن يتغيّر عن ذاته وهيأته بآلة معروفة جسدانيّة ، والدليل على ذلك أنّه لا نطق معروف معقول إلّا بجسد معروف فمن ادرك الله بغير الله فقد ادركه ، واعتلّوا في ذلك بأن قالوا هو ظاهر من باطن ، كما وصف نفسه انّه الظاهر الباطن ، فروح القدس باطنه والظاهر الجسم المضاف إليه المستعمل الّذي هو نعت له في وقت حاجة الخلق إليه ، لانّه سبب ولا يدرك لطيفه إلّا لسبب معروف ، ومن السبب يكون التسبّب فسبب الولد من التسبّب أي من البدن لا من الروح ، فروح القدس ساكن باطن ، والظاهر الجسم المضاف إليه فالذي [b ٠٥ F] يلهو ويأكل ويشرب وينام ويسقم ويألم هو الجسم وروح القدس لا يلهو ولا يألم ولا يولد تعالى الله عزوجل عن ذلك وعمّا يصفون علوّا كبيرا.
١٢٣ ـ وأمّا محمد بن بشير فان محمّد بن عيسى بن عبيد حكى أن يونس بن عبد الرحمن اخبره ان محمّد بن بشير لما مضى أبو الحسن موسى بن جعفر ووقفت (٢) الواقفة عليه ، جاء محمّد بن بشير وكان صاحب شعبذة ومخاريق فادّعى انّه يفعل بالتوقف (٣)
__________________
(١) لعله مصحف عن كيفيته أو كينونته.
(٢) وتوقف عليه الواقفة (الكشى ص ٢٩٧).
(٣) فادعى إنه يقول بالتوقف على موسى بن جعفر (الكشى).