فلمّا كان يوم الوداع دخلت انا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا انتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد دنا الرحلة واشتد المحنة فنحن نسأل الله عزوجل ان يصلّي على المصطفى جدك وعليّ المرتضى ابيك وعلى سيّدة النّساء أمّك وعلى سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك وابيك وعلى الأئمّة الطاهرين من بعدهما وان يصلّي عليك وعلى ولدك ونرغب إلى الله ان يعلى كعبك ويكبت عدوك ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال سعد فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا عليهالسلام حتّى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ، قال يا ابن إسحاق لا تكلّف في دعائك شططا فإنّك ملاقي الله عزوجل في سفرك هذا ، فخرّ احمد مغشيا عليه فلمّا افاق قال سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة اجعلها كفنا فادخل مولانا عليهالسلام يده تحت البساط فاخرج ثلاثة عشر درهما فقال خذها ولا تنفق على نفسك غيرها فانك لن تتعدى ما سألت وان الله تبارك وتعالى لا يضيع اجر من أحسن عملا.
قال سعد فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا عليهالسلام من حلوان على ثلاثة فراسخ همّ أحمد بن إسحاق وأيس من حياته فلمّا أوردنا حلوان رجع كلّ واحد منا إلى مرقده فلمّا حان أن ينكشف اللّيل عن الصبح فتحت عيني فإذا أنا بكافور خادم مولانا أبي محمّد عليهالسلام وهو يقول احسن الله بالخير عزاكم قد فرغنا من غسل صاحبكم وتكفينه فقوموا لدفنه فانّه من اكرمكم محلّا عند سيّدكم ثمّ غاب عن أعيننا. فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتّى قضينا حقّه وفرغنا من امره.
قال الشهيد الثاني في تعليق الخلاصة هذه الحكاية ذكرها الصدوق في كتاب كمال الدين موضوعة وأمارات الوضع عليه لائحة كما قال النجاشي قبلا ولذا عدّه ابن داود في القسم الثاني من رجاله من الضعفاء الّذين لا اعتماد عليهم ونسب إلى الكشي كونه من أصحاب العسكرى (١).
__________________
(١) راجع : تنقيح المقال فى احوال الرجال ج ٢ ص ١٧.