قريشا قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو كنت نبيا لذهبت إلى الشام فإنها أرض المبعث والمحشر. فهمّ النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم بالذهاب إليها (١) ، فهيأ أسباب الرحيل والتحويل ، فنزل جبريل عليهالسلام بهذه الآيات وهى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) (٢). وختم الآية بقوله : (تَحْوِيلاً) تطبيقا للمعنى ، والله أعلم.
[٣٦] سورة يس
* قوله تبارك وتعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) (٣). سبق (٤).
* قوله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ) فى هذه السورة مرتين (٥) وليس بتكرار ؛ لأن الأولى هى النفخة التى يموت بها وعندها الخلق. والثانية هى التى يحيا بها الخلق.
* قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً) (٦). وكذلك فى مريم ولم يقل من «دونه» كما فى الفرقان بل صرح كيلا يؤدى إلى مخالفة الضمير قبله فإنه فى السورتين بلفظ الجمع تعظيما. وقد / سبق فى الفرقان (٧).
* قوله تعالى : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ) (٨). وفى يونس :
__________________
(١) تبع المنصف فى ذلك ما أخرجه ابن أبى حاتم ، والبيهقى فى الدلائل من حديث شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود أتوا النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : [إن كنت نبيا فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء] فصدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قالوا فغزا غزوة تبوك يريد الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله آيات من سورة بنى إسرائيل بعد ما ختمت السورة (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) وأمره بالرجوع إلى المدينة.
قال مجاهد وقتادة : نزلت هذه الآيات فى همّ أهل مكة بإخراجه صلىاللهعليهوآلهوسلم من أم القرى ولو أخرجوه منها لما أمهلوا. فالآية مكية خلافا لمن قال إنها مدنية. ويؤيد ذلك أن غزوة تبوك كانت فى السنة التاسعة من الهجرة وقد استتب أمر الإسلام ، وظهر على الدين كله. فلم يكن هناك ما يدعو إلى الهجرة إلى الشام كذلك معنى الاستفزاز يأباه ، واستفزه : أزعجه ليدفعه فى الوقوع فيما يريد منه. والآية تبين كذلك أن الهجرة من مكة لم تكن نتيجة إكراه وإزعاج بل كانت بوحى من الله تعالى ، فامتثل صلوات الله وسلامه عليه لأمر الله تعالى.
(٢) سورة الإسراء (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) الآية : ٧٦
(٣) سورة يس (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) الآية : ٢٠ ، انظر ص : ٢٦١.
(٤) سبق فى متشابه سورة القصص عند قوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) الآية : ٢٠.
(٥) المرة الأولى قوله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) الآية : ٢٩ ، والثانية قوله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) الآية : ٥٣.
(٦) سورة يس من الآية : ٧٤.
(٧) راجع متشابه الفرقان عند قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) من الآية : ٣. انظر : ص : ٢٥٤.
(٨) سورة يس من الآية : ٧٦.