وفى الأحقاف (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) (١).
الجمهور على أن هذه الآيات فى السور الثلاث نزلت فى سعد بن مالك : وهو سعد ابن أبى وقاص (٢). وأنها فى سورة لقمان اعتراض بين كلام لقمان لابنه. ولم يذكر فى «لقمان» : (حَسَناً) ؛ لأن قوله بعده : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) قام مقامه. ولم يذكر فى هذه السورة : (حَمَلَتْهُ) ولا (وَضَعَتْهُ). موافقة لما قبله من الاختصار وهو قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣) : فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام وأحسن نظام ثم قال بعده : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) أى ألزمناه (حُسْناً) فى حقهما وقياما بأمرهما. وإعراضا عنهما وخلافا لقولهما إن أمراه بالشرك بالله.
وذكر فى لقمان والأحقاف حاله فى حمله ووضعه (٤).
* قوله تعالى فى هذه السورة : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ) ، وفى لقمان : (عَلى أَنْ تُشْرِكَ) ، لأن [ما] (٥) فى هذه السورة وافق ما قبله لفظا وهو قوله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) (٦). وفى «لقمان» محمول على المعنى ؛ لأن التقدير : «وإن حملاك على أن تشرك».
* قوله تعالى : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) (٦) : بتقديم العذاب على الرحمة فى هذه السورة فحسب ؛ لأن إبراهيم عليهالسلام خاطب به «نمروذ» وأصحابه ، وأن العذاب وقع بهم فى الدنيا.
* قوله تعالى : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٨). وفى الشورى
__________________
(١) سورة الأحقاف (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) من الآية : ١٥.
(٢) هو الصحابى الجليل بطل القادسية سعد بن مالك بن وهيب ـ أهيب ـ بن عبد مناف. أسلم بعد سنة ، وقيل : بعد أربعة. وهو أحد المبشرين بالجنة ، وأحد الستة أصحاب الشورى وما جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أباه وأمه لأحد إلا لسعد بن أبى وقاص : قال يوم أحد : [ارم فداك أبى وأمى] : ذكره ابن الأثير فى أسد الغابة ٢ / ٢٩٣.
(٣) سورة العنكبوت الآية السابعة بتمامها.
(٤) كذا فى البصائر ، وفى الأصلية : [حالة حملها ووضعها] ، وفى «د. م» ٥٩ / ب و «ز ـ ٢» : [حالة فى حملها ووضعها].
(٥) ز. فى «د. م» ٥٩ / ب و «ز ـ ٢» ٣٤ / أوالبصائر ١ / ٣٦١.
(٦) سورة العنكبوت من الآيتين ٦ ، ٢١ على التوالى.
(٨) سورة العنكبوت (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) الآية : ٢٢.