نزلت فى حق السارق والسارقة وعذابهما يقع فى الدنيا ، فقدم لفظ العذاب. وفى غيرها قدم لفظ المغفرة رحمة منه سبحانه ، وترغيبا للعباد فى المسارعة إلى موجبات المغفرة. جعلنا الله تعالى منهم بمنّه وكرمه.
[٣] سورة آل عمران
* قوله تبارك وتعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (١) : أول السورة. وفى آخرها : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٢).
فعدل من الخطاب إلى لفظ الغيبة فى أول السورة واستمر على الخطاب فى آخرها ؛ لأن ما فى أول السورة لا يتصل بالكلام الأول كاتصال ما فى آخر السورة به. فإن اتصال قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) بقوله : (إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) معنوى. واتصال قوله : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) بقوله : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) : لفظى ومعنوى جميعا لتقدم لفظ الوعد.
ويجوز أن يكون الأول استئنافا والآخر من تمام الكلام.
* قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ) (٣).
كان القياس : فأخذناهم. لكن لما عدل فى الآية الأولى إلى قوله : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) عدل فى هذه الآية / أيضا لتكون الآيات على منهاج واحد.
* قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٤) : ثم كرر فى آخر هذه الآية فقال : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ؛ لأن الأول جرى مجرى الشهادة ؛ فأعاده ليجرى الثانى مجرى الحكم بصحة ما شهد به الشهود.
* قوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) : كرره مرتين فى ثلاث آيات (٥) ، لأنه
__________________
(١) سورة آل عمران (رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) الآية : ٩.
(٢) نفس السورة (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) الآية : ١٩٤.
(٣) نفس السورة : من الآية : ١١.
(٤) نفس السورة (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الآية : ١٨.
(٥) يعنى فى ثلاث آيات متواليات فى سورة آل عمران : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ. قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) الآيات : ٢٨ ـ ٣٠ ، وليس فى القرآن