وهو المعروف ، والثانى : فيما فعلن فى أنفسهن من فعل من أفعالهن من معروف أى جاز فعله شرعا.
قال أبو مسلم حاكيا عن الخطيب : إنما جاء المعروف فى الأولى معرّف اللفظ (١) لأن المعنى : بالوجه المعروف من الشرع لهن ، وهو الوجه الذى دل الله عليه وأبانه ، والثانى : كان وجها من الوجوه التى لهن أن يأتينه. فأخرج مخرج النكرة لذلك.
قلت : النكرة إذا تكررت صارت معرفة ، فإن قلت : كيف يصح ما قلت والأول معرفة والثانى نكره ، وما ذهبت إليه يقتضى ضد هذا بدليل قوله سبحانه : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) (٢)؟
فالجواب : [أن] (٣) هذه الآية بإجماع من / المفسّرين [مقدّمة] (٤) على تلك الآية فى النزول وإن وقعت فى التلاوة متأخرة ولهذا نظير فى القرآن فى موضع آخر ، أو فى موضعين وقد سبق بيانه ، وأجمعوا أيضا [على] (٥) أن هذه [الآية] (٥) منسوخة بتلك الآية والمنسوخ سابق على الناسخ (٧) ضرورة : فصح ما ذكرت أن قوله : «بالمعروف» هو (٨) ما ذكرت فى قوله : (مِنْ مَعْرُوفٍ) فتأمل فيه فإن هذا دليل على إعجاز القرآن.
* قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) ، ثم قال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) (٩).
فكرر تأكيدا. وقيل : ليس بتكرار ؛ لأن الأول للجماعة ، والثانى للمؤمنين خاصة ،
__________________
(١) كذا فى «ز ـ ٢» ٧ / أ ، وفى الأصلية : [معرفا للفظ] والأول هو الصحيح. وأبو مسلم هنا هو محمد بن على الأصبهانى (ت ٤٥٩ ه).
(٢) سورة المزمل : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) الآيتان : ١٥ ، ١٦.
(٣) ز. فى بعض النسخ مثل : «ح» و «ق».
(٤) فى الأصلية : [مقدم] ، وما أثبتناه هو ما يقتضيه السياق.
(٥) ز. فى بعض النسخ مثل : «ز ـ ٢» والبصائر.
(٧) ذهب أبو مسلم إلى أن آية الوصية بالمتاع إلى الحول محكمة ، وقال : إن المعنى والذين يتوفون منكم وقد أوصوا وصية لأزواجهم بالنفقة والسكنى حولا ؛ فإن خرجن قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد أن يقمن المدة التى ضربها الشارع لهن وهى أربعة أشهر وعشرا فلا حرج فيما فعلن فى أنفسهن من معروف ؛ لأن إقامتهن بهذه الوصية بعد عدة الوفاة تصبح غير لازمة ، واختار الفخر الرازى ما ذهب إليه أبو مسلم ، محمد بن بحر الأصفهانى (ت ٣٢٢ ه).
(٨) فى الأصلية : [وهو] وذلك تصحيف من الناسخ.
(٩) سورة البقرة (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) من الآية : ٢٥٣.