* قوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَ) (١) أجمعوا على تخفيفه إلا شاذا (٢) ، وما فى غير (٣) هذه السورة قرئ بالوجهين لأن قبله (٤) (فَأَمْسِكُوهُنَ) ، وقبل ذلك (فَإِمْساكٌ) (٥) : فاقتضى ذلك التخفيف.
* قوله تعالى : (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ) (٦) ، وفى الطلاق : (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ) (٧).
الكاف من (ذلك) لمجرد الخطاب لا محل له من الإعراب فجاز الاقتصار (٨) على التوحيد ، وجاز إجراؤه على عدد المخاطبين ، ومثله : (عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) (٩).
وقيل حيث جاء موحدا فالخطاب للنبى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخص بالتوحيد فى هذه الآية لقوله : (مَنْ كانَ مِنْكُمْ) ، وجمع فى الطلاق لمّا لم يكن بعده منكم.
* قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (١٠) وقال فى الآية الأخرى : (مِنْ مَعْرُوفٍ) (١١) لأن الأول تقديره : فيما فعلن فى أنفسهن بأمر الله
__________________
(١) سورة البقرة (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الآية : ٢٣١.
(٢) أجمعوا على قراءة (وَلا تُمْسِكُوهُنَ) بالتخفيف وعدم التشديد إلا فى القراءة الشاذة.
(٣) لا يوجد فى القرآن الكريم [تمسكوهن] إلا فى سورة البقرة السابقة. أما [فأمسكوهن] ففي سورة النساء : (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) من الآية : ١٥. وفى سورة الطلاق : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) من الآية الثانية.
(٤) فى نفس الآية.
(٥) سورة البقرة (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) من الآية : ٢٢٩.
(٦) سورة البقرة (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من الآية : ٢٣٢.
(٧) سورة الطلاق (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الآية : ٢.
(٨) كذا فى البصائر ص ١٥٤ ، وفى الأصلية : [الاختصار].
(٩) سورة البقرة (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) من الآية : ٥٢.
(١٠) نفس السورة (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) الآية : ٢٣٤.
(١١) نفس السورة (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الآية : ٢٤٠.
ولم يذكر رحمهالله تعالى وجه عدم التكرار فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) فى الآيتين : ووجهه : أن الأولى بشأن عدة الوفاة والثانية بشأن وصية المتاع إلى الحول فلا تكرار.