أرطب ثمره. قال ابن عباس : إذا أينع فهو هضيم. وقال أيضا : هضيم : طيب ، وقال الزجاج : هو الذي رطبه بغير نوى ، أو : دان من الأرض ، قريب التناول.
(وَتَنْحِتُونَ) أي : تنقبون (مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) ؛ حال من الواو ، أي : حاذقين ، أو : ناشطين ، أو : أقوياء ، وقيل : أشرين بطرين. قيل : كانوا فى زمن الشتاء يسكنون الجبال ، وفى زمن الربيع والصيف ينزلون بمواشيهم إلى الريف ومكان الخصب. (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ، وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) ؛ الكافرين المجاوزين الحد فى الكفر والطغيان ، أي : لا تنقادوا لأمرهم ، ولا تتبعوا رأيهم ، وهم (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) بالإسراف فى الكفر والمعاصي ، (وَلا يُصْلِحُونَ) بالإيمان والطاعة. والمعنى : أن فسادهم خالص ، لا يشوبه شىء من الصلاح ، كما تكون حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح.
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) ؛ الذين سحروا ، حتى غلب على عقلهم السحر ، (ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فى دعوى الرسالة ، (قالَ هذِهِ ناقَةٌ) ، قالها بعد ما أخرجها الله تعالى من الصخرة بدعائه عليهالسلام ، (لَها شِرْبٌ) ؛ نصيب من الماء ، فلا تزاحموها فيه ، (وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) لا تزاحمكم فيه. روى أنهم قالوا : نريد ناقة عشراء ، تخرج من هذه الصخرة ، فتلد سقبا ـ والسقب : ولد الناقة ـ فقعد صالح يتفكر ، فقال له جبريل عليهالسلام : صلّ ركعتين ، وسل ربّك الناقة ، ففعل ، فخرجت الناقة ، ونتجت سقبا مثلها فى العظم ، وصدرها ستون ذراعا ـ أي : طولها ـ وإذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله ، وإذا كان يوم شربهم لا تشرب فيه.
(وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) ؛ بضرب ، أو عقر ، أو غير ذلك ، (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ، وصف اليوم بالعظم ؛ لعظم ما يحل فيه ، وهو أبلغ من تعظيم العذاب ، (فَعَقَرُوها) عقرها «قدّار» ، وأسند العقر إلى جميعهم ؛ لأنهم راضون به. روى أن عاقرها قال : لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين. وكانوا يدخلون على المرأة فى خدرها ، فيقولون : أترضين بعقر الناقة؟ فتقول : نعم ، وكذلك صبيانهم ، (فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) على عقرها ؛ خوفا من نزول العذاب بهم ، لا ندم توبة ؛ لأنهم طلبوا صالحا ليقتلوه لمّا أيقنوا بالعذاب ، وندموا حين لا ينفع الندم ، وذلك حين معاينة العذاب.
(فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ) أي : صيحة جبريل ، فتقطعت قلوبهم ، (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) : ميتين ، صغيرهم وكبيرهم ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ). روى أنه أسلم منهم ألفان وثلاثمائة رجل وامرأة. وقيل : كانوا أربعة آلاف ، وقال كعب : كان قوم صالح اثنى عشر ألفا ، من سوى النساء والذرية. ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات. قاله القرطبي. قيل : فى نفى الإيمان عن أكثرهم إيماء إلى أنه لو آمن أكثرهم أو :