يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) [البقرة : ٢٧٥] ، والمسّ : الجنون ، سمّي مسّا ، لأنه عن إلمام الشيطان ومسّه ، يكون.
هذا مع أخبار كثيرة صحاح تؤثر عن الرّسول ، صلىاللهعليهوسلم ، وعن السلف في الرّئيّ والنّجيّ.
وما ننكر مع هذا الفلوات قد يعرض فيها ما يذكرون ، ولكنّ ذلك لا يدفع به حقائق ما يسمعون ويبصرون.
ولم تكن العرب طرّا ـ مع أفهامها وألبابها ـ لتتواطأ على تخيّل وظنون ، ولا كلّها أسمعه الخوف ، وأراه الجبن ، فهذا أبو البلاد الطّهويّ ، وتأبّط شرّا ـ : وهما من مردة العرب ، وشياطين الإنس. ـ يصفان الغول ، ويحلّيانها ويساورانها.
وهذا أبو أيوب الأنصاري يأسرها.
وهذا عمر رضي الله عنه ، يصارع الجنّيّ.
وما جاء في هذا أكثر من أن تحيط به.
فمن آمن بمحمد ، صلىاللهعليهوسلم ، وبأنّ ما جاء به الحقّ ، آمن بجميع هذا ، وشرح صدره به.
ومن أنكره ـ : لأنه لا يؤمن إلّا بما أوجبه النظر والقياس على ما شاهد ورأى في الموات والحيوان ـ فما ذا بقي على المسلمين؟ وأيّ شيء ترك للملحدين؟.
وذهب (أهل القدر) في قول الله عزوجل : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [النحل : ٩٣ ، وفاطر : ٨] إلى أنه على جهة التسمية والحكم عليهم بالضلالة ، ولهم بالهداية.
وقال فريق منهم : يضلّهم : ينسبهم إلى الضلالة ، ويهديهم : يبيّن لهم ويرشدهم.
فخالفوا بين الحكمين ، ونحن لا نعرف في اللغة أفعلت الرجل : نسبته. وإنما يقال إذا أردت هذا المعنى : فعّلت : تقول : شجّعت الرجل وجنبّنته وسرّقته وخطّأته ، وكفّرته وضلّلته وفسّقته وفجّرته ولحنته. وقرىء : (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) [يوسف : ٨١] ، وأي نسب إلى السّرق.
ولا يقال في شيء من هذا كله : أفعلته ، وأنت تريد نسبته إلى ذلك.
وقد احتج رجل من النحويين كان يذهب إلى (القدر) ـ لقول العرب : كذّبت