وقال الأخطل يذكر فلاة رأى الصغير فيها كبيرا (١) :
ترى الثّعلب الحوليّ فيها كأنّه |
|
إذا ما علا نشزا حصان مجلّل |
وقال النابغة (٢) :
وحلّت بيوتي في يفاع ممنّع |
|
تخال به راعي الحمولة طائرا |
هذا رأى الكبير صغيرا لأنه في شرف.
وقال ابن أحمر أيضا في تضاعف الأعداد :
وازدادت الأشباح أخيلة |
|
وتعلّل الحرباء بالنّقر |
وأخشى أن يكون معتقدا هذا والقائل به ، يرفّق عن صبوح (٣) ، ويسرّ حسوا في ارتغاء (٤).
وما على من آمن بالبعث من الممات : أن يؤمن بعذاب البرزخ ، وقد خبّر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقوله قاض على الكتاب ، وبمسائلة الله يوم القيامة : أن يؤمن بمسائلة الملكين في القبر؟!.
وما على من آمن بإنّيّة الشيطان : أن يؤمن بتخبّطه؟ ومن صدّق بخلق الجن والغيلان : أن يصدّق بعزيفها وتغوّلها؟!.
وما أخرجه إلى تجهيل العرب قاطبة وتكذيبها : وشاهدها على صدق ما تقول كتاب الله تعالى ، ورسوله ، وكتب الله المتقدمة ، وأنبياؤه ، وأمم العجم كلها؟!.
قد جعل الله الجن أحد الثّقلين ، وخاطبهم في الكتاب كما خاطبنا ، وسمّاهم رجالا كما سمّانا فقال : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ٦].
وقال في الحور العين : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤)) [الرحمن : ٧٤] ، فدل على أن الجن تطمث الإنس.
وأخبرنا عن طائفة منهم سمعوا القرآن فولّوا إلى قومهم منذرين ، وقال : (الَّذِينَ
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو في ديوان الأخطل ص ٧.
(٢) البيت من الطويل ، وهو في ديوان النابغة الذبياني ص ٦٩ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٠ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٤ ، والكتاب ١ / ٣٦٨ ، والبيت بلا نسبة في شرح قطر الندى ص ١٧٢ ، ولسان العرب (حمل).
(٣) يرقق عن صبوح : مثل يضرب لمن يجمجم ولا يصرح. انظر لسان العرب (رقق).
(٤) يسر حسوا في ارتغاء : مثل يضرب لمن يظهر أمرا وهو يريد غيره. انظر لسان العرب (رغو).