ونحو منه : ذهب منه الأطيبان ، يراد : الأكل والنكاح.
وقال أيضا : لا أدري ما معنى قول رؤبة في صفة الثور (١) :
كأنه حامل جنب أخذعا
وقال ابن الأعرابي : أراد : كأنه ضرب بالسيف ضربة فتعلّقت جنبه وهو حاملها ، وذلك لميله من بغيه على أحد جانبيه. والخذع : الميل.
ومثل هذا كثير ، وفيما ذكرنا منه ما أقنع ودلّ على ما أردناه ، إن شاء الله تعالى.
ولسنا ممن يزعم : أنّ المتشابه في القرآن لا يعلمه الراسخون في العلم.
وهذا غلط من متأوّليه على اللّغة والمعنى.
ولم ينزل الله شيئا من القرآن إلا لينفع به عباده ، ويدلّ به على معنى أراده.
فلو كان المتشابه لا يعلمه غيره للزمنا للطّاعن مقال ، وتعلّق علينا بعلّة.
وهل يجوز لأحد أن يقول : إن رسول ، الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يكن يعرف المتشابه؟!.
وإذا جاز أن يعرفه مع قول الله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) [آل عمران : ٧] جاز أن يعرفه الرّبّانيون من صحابته ، فقد علّم عليّا التفسير.
ودعا لابن عباس فقال : «اللهم علّمه التأويل ، وفقّهه في الدين» (٢).
وروى عبد الرّزّاق (٣) ، عن إسرائيل (٤) ، عن سماك بن حرب (٥) ، عن عكرمة ،
__________________
المتوفى سنة ٢٣١ ، له من المصنفات : «تاريخ القبائل» ، «كتاب الألفاظ» ، «كتاب الأنواء» ، «كتاب تفسير الأمثال» ، «كتاب الخيل» ، «كتاب الذياب» ، «كتاب صفة الزرع» ، «كتاب كرامات الأولياء» ، «كتاب معاني الشعر» ، «كتاب النبات» ، «كتاب النوادر» وغيرها. (كشف الظنون ٦ / ١٢).
(١) يليه : من بغيه والرفق حتى أكنعا
والرجز في ديوان رؤبة ص ٩١ ، وتاج العروس (خذع) ، وتهذيب اللغة ١ / ١٦١ ، والرجز بلا نسبة في لسان العرب (خدع) ، وكتاب العين ١ / ٢٠٤ ، وهو للعجاج في لسان العرب (كنع) ، وتاج العروس (كنع) ، وتهذيب اللغة ١ / ٣١٩ ، وليس في ديوانه.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٥٣٦ ، والطبراني في المعجم الكبير ١٠ / ٢٩٣ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ٢٩٦.
(٣) عبد الرزاق : تقدمت ترجمته.
(٤) إسرائيل : هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، أبو يوسف الكوفي ، محدث ثقة ، ولد سنة ١٠٠ ه ، وتوفي سنة ١٦٢ ه ، (تهذيب التهذيب ١ / ٢٦٩).
(٥) سماك بن حرب : من كبار تابعي أهل الكوفة. توفي سنة ١٢٣ ه. (تهذيب التهذيب ٤ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤).