قد كاد من طول البلى أن يمصحا
وأنشد الأصمعي (١) :
كادت النّفس أن تفيظ عليه |
|
إذ ثوى حشو ريطة وبرود |
ولم يأت منها إلّا فعل يفعل ، وتثنيتهما وجمعهما. ولم يبن منها شيء غير ذلك.
قال بعضهم : قد جاءت (كاد) بمعنى (فعل) وأنشد قوله الأعشى (٢) :
وكاد يسمو إلى الجرفين فارتفعا
أي : سما فارتفع.
قال : ومثله قول ذي الرّمة (٣) :
ولو أنّ لقمان الحكيم تعرّضت |
|
لعينيه ميّ سافرا كاد يبرق |
أي لو تعرضت له لبرق ، أي : دهش وتحير.
بل
بل : تأتي لتدارك كلام غلطت فيه ، تقول : رأيت زيدا بل عمرا.
ويكون لترك شيء من الكلام وأخذ في غيره. وهي في القرآن بهذا المعنى كثير : قال الله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)) [ص : ١] ثم قال : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢)) [ص : ٢] فترك الكلام الأول وأخذ ببل في كلام ثان. ثم قال حكاية عن المشركين : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) ثم قال : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) فترك الكلام وأخذ ببل في كلام آخر فقال : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨] في أشباه لهذا كثيرة في القرآن.
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص ٤٠٦ ، وأوضح المسالك ١ / ٣١٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٤٨ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٥٤ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٧ ، ولسان العرب (نفس) ، (فيظ) ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٦٢.
(٢) صدر البيت :
وما مجاور هيت إن عرضت له
والبيت من البسيط ، وهو في ديوان الأعشى ص ١٥٣. وصدر البيت في الصاحبي في فقه اللغة ص ١٧٦ :
حتى تناول كلبا في ديارهم
(٣) البيت من الطويل ، وهو في ديوان ذي الرمة ص ٤٦١ ، ولسان العرب (برق) ، والمخصص ١٦ / ١٢٤ ، وتاج العروس (برق) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٣٢٢ ، ومجمل اللغة ١ / ٢٥٣.