وأصل السجود : التطأطؤ والميل ، يقال : سجد البعير وأسجد : إذا طؤطىء ليركب ، وسجدت النّخلة : إذا مالت. قال : لبيد يصف نخلا (١) :
غلب سواجد لم يدخل بها الحصر
فالغلب : الغلاظ الأعناق. والسّواجد : الموائل.
ومن هذا قيل لمن وضع جبهته بالأرض : ساجد ، لأنه تطامن في ذلك. ثم قد يستعار السجود فيوضع موضع الاستسلام والطاعة والذّل ، كما يستعار التطأطؤ والتّطامن فيوضعان موضع الخشوع والخضوع والانقياد والذل ، فيقال : تطامن للحق ، أي أخضع له ، وتطأطأ لها تخطّك ، أي تذلّل لها ولا تعزّز.
ومن الأمثال المبتذلة : اسجد للقرد في زمانه (٢). يراد : اخضع للسّفلة واللئيم في دولته ، ولا يراد معنى سجود الصلاة. قال الشاعر (٣) :
بجمع تضلّ البلق في حجراته |
|
ترى الأكم فيها سجّدا للحوافر |
يريد أن حوافر الخيل قد قلعت الأكم ووطئتها حتى خشعت وانخفضت. ومن خلق الله عزوجل : المسخّر المقصور على فعل واحد ، كالنّار شأنها الإحراق ، والشمس والقمر شأنهما المسير الليل والنّهار دائبين ، والفلك المسخّر للدّوران.
ومنه المسخّر لمعنيين ، ثم هو مخيّر بينهما ، كالإنسان في الكلام والسكوت ، والقيام والقعود ، والحركة والسكون. والشمس والظلّ ، خلقان مسخّران لأن يعاقب كلّ
__________________
(١) صدر البيت :
بين الصفا وخليج العين ساكنة
والبيت من البسيط ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٦٠ ، وتاج العروس (سجد) ، (شمذ) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٤٨ ، ١٠ / ٥٧٢ ، ١١ / ٣٣٦ ، والمخصص ١١ / ١١٣ ، ١١٤ ، ولسان العرب (سجد). وفيه : «الخصر» بدل : «الحصر». والبيت بلا نسبة في لسان العرب (عوج) ، (شمذ).
(٢) هو جزء من رجز ، وتمامه :
فإن تلقاك بقيروانه |
|
أو خفت بعض الجور من سلطانه |
فاسجد لقرد السوء في زمانه
والرجز بلا نسبة في لسان العرب (قرا) ، وتاج العروس (قرا).
(٣) البيت من الطويل ، وهو لزيد الخيل الطائي في الكامل ١ / ٣٥٨ ، والأغاني ١٦ / ٥٢ ، ومجموعة المعاني ص ١٩٢ ، ، ومجمع البيان ١ / ١٤١ ، وتفسير الطبري ١ / ٢٨٩ ، ولعروة بن زيد في الوساطة ص ٤٣٥ ، وبلا نسبة في تفسير الطبري ١ / ٢٣٨ ، والأضداد لابن الأنباري ص ٢٥٧ ، وكتاب الصناعتين ص ٢٢١ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٢٤ ، والأزمنة والأمكنة ١ / ٣٥ ، ولسان العرب (سجد) ، وتفسير البحر المحيط ١ / ٥١.