باب الكناية والتّعريض
الكناية أنواع ، ولها مواضع :
فمنها أن تكنى عن اسم الرجل بالأبوّة ، لتزيد في الدّلالة عليه إذا أنت راسلته أو كتبت إليه ، إذ كانت الأسماء قد تتّفق.
أو لتعظّمه في المخاطبة بالكنية ، لأنها تدلّ على الحنكة وتخبر عن الاكتهال.
وقد ذهب هؤلاء إلى أنّ الكنية كذب ما لم يكن الولد مسمّى بالاسم الذي كني به عن الأب ، وتقع للرجل بعد الولادة.
وقالوا : إن كانت الكناية للتعظيم فما باله كنى أبا لهب وهو عدوّه ، وسمّي محمدا ، صلىاللهعليهوسلم ، وهو وليّه ونبيّه.
والجواب عن هذا : أن العرب كانت ربّما جعلت اسم الرجل كنيته ، فكانت الكنية هي الاسم.
قال أبو محمد : خبّرني غير واحد عن الأصمعي : أن أبا عمرو بن العلاء ، وأبا سفيان بن العلاء أسماؤها كناهما.
وربما كان للرجل الاسم والكنية ، فغلبت الكنية على الاسم ، فلم يعرف إلا بها ، كأبي سفيان ، وأبي طالب ، وأبي ذرّ ، وأبي هريرة.
ولذلك كانوا يكتبون : علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان ، لأن الكنية بكمالها صارت اسما ، وحظّ كلّ حرف الرفع ما لم ينصبه أو يجرّه حرف من الأدوات أو الأفعال. فكأنه حين كنّي قيل : أبو طالب ، ثم ترك ذلك كهيئته ، وجعل الاسمان واحدا.
وقد روي في الحديث أن اسم أبي لهب عبد العزّى ، فإن كان هذا صحيحا فكيف يذكره رسول الله بهذا الاسم ، وفيه معنى الشرك والكذب ، لأن الناس جميعا عبيد الله؟.
وقال المفسرون في قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ