وقد يقول القائل في كلامه : والله لا أفعله ، ثم والله لا أفعله. إذا أراد التوكيد وحسم الأطماع من أن يفعله. كما يقول : والله أفعله ، بإضمار (لا) إذا أراد الاختصار.
قال الله عزوجل : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)) [التكاثر : ٣ ، ٤].
وقال : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦)) [الشرح : ٥ ، ٦].
وقال : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥)) [القيامة : ٣٤ ، ٣٥].
وقال : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨)) [الانفطار : ١٧ ، ١٨] كلّ هذا يراد به التأكيد للمعنى الذي كرّر به اللفظ.
وقد يقول القائل للرجل : اعجل اعجل ، وللرامي : ارم ارم.
وقال الشاعر (١) :
كم نعمة كانت لكم كم كم وكم
وقال الآخر (٢) :
هلّا سألت جموع كن |
|
دة يوم ولّوا أين أينا |
وقال عوف بن الخرع (٣) :
وكادت فزارة تصلي بنا |
|
فأولى فزارة أولى فزارا |
وربما جاءت الصفة فأرادوا توكيدها ، واستوحشوا من إعادتها ثانية لأنها كلمة واحد ، فغيّروا منها حرفا ، ثم أتبعوها الأولى.
كقولهم : (عطشان نطشان) كرهوا أن يقولوا : عطشان عطشان ، فأبدلو من العين نونا.
وكذلك قولهم : (حسن بسن) كرهوا أن يقولوا : حسن حسن ، فأبدلوا من الحاء باء. و (شيطن ليطان) في أشباه له كثيرة.
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في أمالي المرتضى ١ / ٨٤ ، وكتاب الصناعتين ص ١٩٣ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧٧.
(٢) تقدم البيت مع تخريجه ، وهو لعبيد بن الأبرص.
(٣) البيت من المتقارب ، وهو في المفضليات ص ٤١٦ ، ومعجم البلدان ٣ / ٣٠٥ ، والكتاب ١ / ٣٣١ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٩٤ ، وإعجاز القرآن ص ٩٤.