ومنه قوله : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)) [المسد : ٤ ، ٥] ،
قال ابن عباس : في رواية أبي صالح عنه : الحطب : النّميمة وكانت تنم وتؤرّش بين الناس.
ومن هذا قيل : (فلان يحطب عليّ) إذا أغرى به ، شبّهوا النّميمة بالحطب ، والعداوة والشحناء بالنار ، لأنهما يقعان بالنميمة ، كما تلتهب النار بالحطب. ويقال : نار الحقد لا تخبو فاستعاروا الحطب في موضع النميمة. وقال الشاعر وذكر امرأة (١) :
من البيض لم تصطد على حبل سوأة |
|
ولم تمش بين الحيّ بالحظر الرّطب |
أي لم توجد على أمر قبيح ، ولم تمش بالنمائم والكذب.
والحظر : الشّجر ذو الشّوك يحظر به.
وقال آخر (٢) :
فلسنا كمن تزجى المقالة شطره
بقرف العضاه الرّطب والعبل اليبس
وقال بعض المتقدمين : كانت تعيّر رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، بالفقر كثيرا ، وهي تحتطب على ظهرها بحبل من ليف في عنقها.
ولست أدري كيف هذا لأنّ الله عزوجل وصفه بالمال والولد ، فقال : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢)) [المسد : ٢].
وأما المسد ، فهو عند كثير من الناس : اللّيف دون غيره. وليس كذلك ، إنما المسد : كلّ ما ضفر وفتل من اللّيف وغيره ، يقال : مسدت الحبل مسدا إذا فتلته ، فهو مسد. كما تقول : نفضت الشّجرة نفضا وخبطتها خبطا. واسم ما يسقط من ثمرها وورقها : نفض وخبط ، ومنه قيل : رجل ممسود الخلق ، إذا كان مجدولا مفتولا.
__________________
(١) يروى البيت بلفظ :
من البيض لم تصطد على ظهر لأمة |
|
ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب |
والبيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في لسان العرب (حطب) ، (حظر) ، (برعم) ، ومجمع الأمثال ١ / ١٧٩ ، ومقاييس اللغة ٢ / ٧٩ ، وأساس البلاغة (حظر) ، وتهذيب اللغة ٤ / ٣٩٤ ، ٤٥٥ ، وجمهرة اللغة ص ١٢٨٨ ، وتاج العروس (حطب) ، (حظر).
(٢) البيت من الطويل ، ولم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.