متى ما أشأ غير زهو الملو |
|
ك أجعلك رهطا على حيّض |
وأكحلك بالصّاب أو بالجلا |
|
ففقّح لكحلك أو غمّض |
وأسعطك في الأنف ماء الآباء |
|
ممّا يثمّل بالمخوض |
جهلت سعوطك : حتى ظننت |
|
بأن قد أرضت ، ولم تؤرض |
والرّهط : جلد تلبسه المرأة أيام الحيض.
والصاب : شجر له لبن يحرق العين.
والجلا : كحل يحكّ على حجر ثم يكتحل به.
والأباء : القصب ، وماؤه شرّ المياه.
ويقال : الأباء هاهنا : الماء الذي تشرب منه الأروى ، فتبول فيه وتدمّنه. ويثمّل : ينقع.
وهذه أمثال ضربها لما يهجوه به.
وقال آخر (١) :
سأكسوكما يا ابني يزيد بن جعثم |
|
رداءين من قار ومن قطران |
في أشباه لهذا كثيرة.
وهذه الآية (٢) نزلت في الوليد بن المغيرة ، ولا نعلم أن الله عزوجل وصف أحدا وصفه له ، ولا بلغ من ذكر عيوبه ما بلغه من ذكرها منه لأنه وصفه بالخلف ، والمهانة ، والعيب للناس ، والمشي بالنّمائم ، والبخل ، والظلم ، والإثم ، والجفاء ، والدّعوة.
فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة ، كالوسم على الخرطوم ، وأبين ما يكون الوسم في الوجه.
ومما يشهد لهذا المذهب ، ما رواه سفيان ، عن زكريا ، عن الشّعبي في قوله تعالى : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣)) [القلم : ١٣] أنه قال : العتلّ : الشديد. والزّنيم : الذي له زنمة من الشّرّ يعرف بها ، كما تعرف الشاة بالزّنمة.
أراد الشّعبي : أنه قد لحقته سبّة من الدّعوة عرف بها كزنمة الشّاة.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الشعر والشعراء ١ / ١٥٦ ، والمعاني الكبير ٢ / ٧٩٩ ، ١١٧٥.
(٢) يشير إلى الآية : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ).