١٤
ما تأخر حكمة عن نزوله
وما تأخر نزوله عن حكمه
قال الزركشى فى البرهان : قد يكون النزول سابقا على الحكم ، كقوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) ، لأن السورة مكية ، ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة ولا صوم.
ويجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم ، كما قال : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) فالسورة مكية وقد ظهر أثر الحلّ يوم فتح مكة ، حتى قال عليه الصلاة والسلام : «أحلت لى ساعة من نهار».
وكذلك نزلت بمكة : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) قال عمر بن الخطاب : فقلت أىّ جمع؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى آثارهم مصلتا بالسيف ، يقول : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) فكانت ليوم بدر.
وكذلك قوله : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) فإن الله وعده ، وهو يومئذ بمكة ، أنه سيهزم جندا من المشركين ، فجاء تأويلها يوم بدر.
ومثله أيضا قوله تعالى : (قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ).
عن ابن مسعود فى قوله : (قُلْ جاءَ الْحَقُ) قال : السيف ، والآية مكية متقدمة على فرض القتال.
ومن أمثلة ما تأخر نزوله عن حكمه : آية الوضوء فعن عائشة قالت : سقطت قلادة لى بالبيداء ونحن داخلون المدينة ، فأناخ رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ونزل فثنى رأسه فى حجرى راقدا ، وأقبل أبو بكر فلكزنى لكزة شديدة وقال : حبست الناس فى