يقبلها الله من أجلهم ، وقد ثبت أنه قادر على كل شىء ، ومن الأشياء إحياء الموتى فهو يحيى الموتى.
وأخبر أنه على كل شىء قدير ، لأنه أخبر أنه من يتبع الشياطين ، ومن يجادل فيه بغير علم يذقه عذاب السعير ، ولا يقدر على ذلك إلا من هو على كل شىء قدير ، فهو على كل شىء قدير.
وأخبر أن الساعة آتية لا ريب فيها ، لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق الإنسان من تراب إلى قوله : (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) وضرب لذلك مثلا بالأرض الهامدة التى ينزل عليها الماء فتهتزّ وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ، ومن خلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ، ثم أعدمه بالموت ، ثم يعيده بالبعث ، وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ، ثم أماتها بالمحل ، ثم أحياها بالخصب.
وصدق خبره فى ذلك كله بدلالة الواقع المشاهد على المتوقع الغائب ، حتى انقلب الخبر عيانا صدق خبره فى الإتيان بالساعة ، ولا يأتى بالساعة إلا من يبعث من فى القبور ، لأنه عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة فهى آتية لا ريب فيها ، وهو سبحانه وتعالى يبعث من فى القبور.
واستدل سبحانه وتعالى على المعاد الجسمانى بضروب :
أحدها : قياس الإعادة على الابتداء كما قال تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).
ثانيها : قياس الإعادة على خلق السموات والأرض بطريق الأولى ، قال تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ) الآية.
ثالثها : قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات.
رابعها : قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر.
خامسها : فى قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى). وتقريرها أن اختلاف المختلفين فى الحق لا يوجب انقلاب الحق فى نفسه ، وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه والحق فى نفسه واحد ، فلما ثبت أن هاهنا حقيقة موجودة لا محالة ، وكان لا سبيل لنا فى حياتنا إلى الوقوف عليها