والألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان :
أحدهما : ما تكون كغيرها من الأخبار التى ليست بقسم فلا تجاب بجوابه كقوله : (وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) فهذا ونحوه يجوز أن يكون قسما وأن يكون حالا لخلوّه من الجواب.
والثانى : ما يتلقى بجواب القسم كقوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) ، (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ).
وأكثر الأقسام فى القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو ، فإذا ذكرت الباء أتى بالفعل كقوله (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ).
ولا تجد الباء مع حذف الفعل ، ومن ثم كان خطأ من جعل قسما بالله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ) ، (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) وقال ابن القيم : والله سبحانه وتعالى يقسم بأمور على أمور ، وإنما يقسم بنفسه المقدسة الموصوفة بصفاته أو بآياته المستلزمة لذاته وصفاته ، وأقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنه من عظيم آياته.
فالقسم :
إما على جملة خبرية ، وهو الغالب كقوله : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌ).
وإما على جملة طلبية كقوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).
مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه فيكون من باب الخبر ، وقد يراد به تحقيق القسم.
فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه ، فلا بد أن يكون مما يحسن فيه ، وذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها.
فأما الأمور المشهورة الظاهرة كالشمس والقمر ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها.
وما أقسم عليه الربّ فهو من آياته ، فيجوز أن يكون مقسما به ولا ينعكس.