٧٠
أقسام القرآن
القصد بالقسم : تحقيق الخبر وتوكيده ، حتى جعلوا مثل : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) قسما ، وإن كان فيه إخبار بشهادة ، لأنه لما جاء توكيدا للخبر سمى قسما.
وقد قيل : ما معنى القسم منه تعالى؟ فإنه إن كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدّق بمجرد الإخبار من غيرهم قسم ، وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده؟
وأجيب بأن القرآن نزل بلغة العرب ، ومن عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمرا.
وقيل : إن الله ذكر القسم لكمال الحجة وتأكيدها ، وذلك أن الحكم يفصل باثنين : إما بالشهادة ، وإما بالقسم ، فذكر تعالى فى كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) وقال : (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ).
ولا يكون القسم إلا باسم معظم ، وقد أقسم الله تعالى بنفسه فى القرآن فى خمسة مواضع بقوله : (قُلْ إِي وَرَبِّي) ، (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) ، (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) ، (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) ، (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ).
والباقى كله قسم بمخلوقاته ، كقوله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) ، (وَالصَّافَّاتِ) ، (وَالشَّمْسِ) ، (وَاللَّيْلِ) ، (وَالضُّحى فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ).
فإن قيل : كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله؟
أجيب عنه بأوجه :