عتاب المرء نفسه منه : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي) الآيات.
العكس : هو أن يؤتى بكلام يقدم فيه جزء ويؤخر آخر ، ثم يقدم المؤخر ويؤخر المقدم كقوله تعالى : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ).
ومن غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) ، (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الآية الأولى ، لتقديم العمل فى الأولى على الإيمان ، وتأخيره فى الثانية عن الإسلام.
ومنه نوع يسمى : القلب والمقلوب المستوى وما لا يستحيل بالانعكاس ، وهو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها كقوله تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) ، (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) ولا ثالث لهما فى القرآن.
العنوان : هو أن يأخذ المتكلم فى غرض فيأتى لقصد تكميله وتأكيده بأمثلة فى ألفاظ تكون عنوانا لأخبار متقدمة وقصص سالفة.
ومنه نوع عظيم جدّا وهو عنوان العلوم ، بأن يذكر فى الكلام ألفاظا تكون مفاتيح العلوم ومداخل لها.
من الأول قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) الآية ، فإنه عنوان قبصه بلعام.
ومن الثانى قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) الآية ، فيها عنوان علم الهندسة ، فإن الشكل المثلث أول الأشكال ، وإذا نصب فى الشمس على أىّ ضلع من أضلاعه لا يكون له ظل لتحديد رءوس زواياه ، فأمر الله تعالى أهل جهنم بالانطلاق إلى ظل هذا الشكل تهكما بهم. وقوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآيات ، فيها عنوان علم الكلام وعلم الجدل وعلم الهيئة.