وخامسها : أن قصص الأنبياء إنما كرّرت لأن المقصود بها إفادة إهلاك من كذّبوا رسلهم ، والحاجة داعية إلى ذلك لتكرير تكذيب الكفار للرسول صلىاللهعليهوسلم ، فكلما كذبوا نزلت قصة منذرة بحلول العذاب كما حلّ على المكذبين ، ولهذا قال تعالى فى آيات : (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) وقصة يوسف لم يقصد منها ذلك.
وبهذا أيضا يحصل الجواب عن حكمة عدم تكرير قصة أصحاب الكهف ، وقصة ذى القرنين ، وقصة موسى مع الخضر ، وقصة الذبيح.
النوع الخامس : الصفة وترد لأسباب :
أحدها : التخصيص فى النكرة نحو : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).
الثانى : التوضيح فى المعرفة : أى زيادة البيان نحو : (وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِ).
الثالث : المدح والثناء ، ومنه صفات الله تعالى نحو : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ومنه : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا) فهذا الوصف للمدح وإظهار شرف الإسلام والتعريض باليهود ، وأنهم بعداء من ملة الإسلام الذى هو دين الأنبياء كلهم ، وأنهم بمعزل عنها.
الرابع : الذم نحو : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ).
الخامس : التأكيد لرفع الإبهام نحو (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) فإن إلهين للتثنية ، فاثنين بعده صفة مؤكدة للنهى عن الإشراك ، والإفادة أن النهى عن اتخاذ إلهين إنما هو لمحض كونهما اثنين فقط ، لا لمعنى آخر من كونهما عاجزين أو غير ذلك ، ولأن الوحدة تطلق ويراد بها النوعية كقوله صلىاللهعليهوسلم : «إنما نحن وبنو المطلب شىء واحد» ، وتطلق ويراد نفى العدة ، التثنية باعتبارها. فلو قيل : لا تتخذوا إلهين فقط ، لتوهم أنه نهى عن اتخاذ جنسى آلهة ، وإن جاز أن يتخذ من نوع واحد عدد آلهة ولهذا أكد بالوحدة قوله : (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ).
الصفة العامة لا تأتى بعد الخاصة ، لا يقال : رجل فصيح متكلم ، بل متكلم فصيح ، وأشكل على هذا قوله تعالى فى إسماعيل : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا)