٣٨
تخفيف الهمز
اعلم أن الهمز لما كان أثقل الحروف نطقا وأبعدها مخرجا تنوّع العرب فى تحقيقه بأنواع التخفيف ، وكانت قريش وأهل الحجاز أكثرهم تخفيفا ، ولذلك أكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم.
وعن ابن عمر قال : ما همز رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا أبو بكر ، ولا عمر.
ولا الخلفاء ، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.
وعن أبى ذرّ قال : «جاء أعرابىّ إلى رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم فقال : يا نبىء الله ، فقال : لست بنبىء الله ، ولكنى نبىّ الله».
وأحكام الهمز كثيرة لا يحصيها أقل من مجلد ، وتحقيقه أربعة أنواع :
أحدها : النقل لحركته إلى الساكن قبله فيسقط (قد أفلح) بفتح الدال ، وذلك حيث كان الساكن صحيحا آخرا والهمزة أولا.
ثانيها : الإبدال ، أن تبدل الهمز الساكنة حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها ، فتبدل ألفا بعد الفتح ، نحو : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) ، وواوا بعد الضم ، نحو : يؤمنون ، وياء بعد الكسر ، نحو : جيت ، وسواء كانت الهمز فاء ، أم عينا ، أم لا ما ، إلا أن يكون سكونها جزما ، نحو : (ننساها) أو يكون ترك الهمز فيه أثقل ، وهو : (تُؤْوِي إِلَيْكَ) ، فى الأحزاب ، أو يوقع فى الالتباس ، وهو : (رِءْياً) ، فى مريم ، فإن تحركت فلا خلاف عنه فى التحقيق ، نحو : (يئوده).
ثالثها : التسهيل بينها وبين حركتها ، فإن اتفق الهمزتان فى الفتح سهلت الثانية. أو أبدلت ألفا وإن اختلفا بالفتح والكسر سهلت أو أدخلت قبلها ألف ، أو خففت.
رابعها : الإسقاط بلا نقل ، وبه قرأ أبو عمرو ، إذا اتفقا فى الحركة وكانا فى كلمتين ، فإن اتفقا كسر ، نحو : (هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ) ، جعلت الثانية كياء ساكنة ، أو مكسورة ، أو أسقطت ، أو حققت. وإن اتفقا فتحا ، نحو : (جاءَ أَجَلُهُمْ) جعلت الثانية كمدة ، أو أسقطت ، أو حققت. وإن اتفقا ضما ، وهو : (أَوْلِياءُ أُولئِكَ.) أسقطت ، أو جعلت كواو مضمومة ، أو جعلت الثانية كواو ساكنة ، أو حققت.