والمتتبع لما أورده المفسر فى تفسيره من أحاديث وآثار يتبين :
ـ أن المفسر لا يلتزم غالبا بتخريج الأحاديث ونسبتها إلى مصادرها.
ـ من الأحاديث ما أدرجه فى سياق الكلام دون أن ينبه إلى أنه من السنّة.
ـ يكتفى أحيانا بالقول : وقد ثبت فى الصحيح. ويأتى بمعنى الحديث.
ـ يذكر أحيانا بعض الإسرائيليات ، مثل ما ذكره عند تفسير قصة هاروت وماروت. وقد نقل الشيخ هذه الأخبار تأسيا بمن نقلها من المفسرين السابقين ، وهو مقل منها بالنسبة لغيره ، وما يذكره من ذلك يصدره غالبا بلفظ «روى» أو «قيل» مما يشعر بضعف الرواية ، وبعدها عن الصحة ، وحبذا خلوّ تفسيره من هذه الأخبار.
٥ ـ اللغة والنحو : يلاحظ فى البحر المديد ـ عناية المفسر بالإعراب. وإذا كانت الآية تحتمل أوجها من الإعراب ، فإنه يذكرها ، ويذكر المعنى على اختلاف الأعاريب.
ـ كثيرا ما يتوسع المفسر فى الكلام على مسألة نحوية يوضح ويبين ، ومن ذلك كلامه الذي عقده لبيان الفرق بين (بلى) و (نعم) عند تفسير قوله تعالى : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ...) (١).
ـ عنايته ببيان معنى المفردات القرآنية.
ـ الاستشهاد بالشعر : اعتمد ابن عجيبة كثيرا على الشعر فى بيان المعاني اللغوية ، مثل ما جاء عند تفسير قوله تعالى : (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٢). يقول الشيخ : والأسباب العهود والوصل التي كانت بينهم فى الدنيا ، يتوادون عليها ، وأصل السبب : كل شىء يتوصل به إلى شىء ، ومنه قيل للحبل الذي يصعد به : سبب ، وللطريق : سبب ، قال الشاعر :
ومن هاب أسباب المنية يلقها |
|
ولو رام أسباب السماء بسلم |
ويلاحظ فى البحر المديد أن الشيخ يذكر النص الشعرى مجردا من اسم قائله ، باستثناء بعض الأبيات.
٦ ـ الفقه :
نلحظ أن الشيخ يتعرض للأحكام الفقهية ، إذا مر فى تفسيره بآيات الأحكام ، وهو فى ذلك.
ـ لا يكتفى غالبا بذكر رأى مذهبه المالكي ، بل يقدم رأيا يخالف مذهبه ، بناء على قوة الأدلة والحجج.
ـ أحيانا يكتفى برأى الإمام مالك ، ولا يذكر رأى المذاهب الأخرى.
__________________
(١) الآية ٨١ من سورة البقرة.
(٢) الآية ١٦٦ من سورة البقرة.