قلت : (زين) : بحذف الفاعل ، وهو الله ، حقيقة ؛ إذ لا فاعل سواه ، أو الشيطان ، شريعة ؛ إذ هو منديل لمسح أوساخ الأقذار. والقنطار : المال الكثير ، وقيل : مائة ألف دينار ، وقيل : ملء مسك الثور. وروى عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال : «القنطار : ألف دينار» ، وفى رواية : «ألفا دينار» ، وفى عرفنا اليوم : ألف مثقال.
والمقنطرة : المنضدة بعضها فوق بعض ، وسمى الذهب ذهبا ؛ لذهابه وفنائه ، أو لذهابه بالقلوب عن حضرة الغيوب ، وسميت الفضة فضة ؛ لأنها تنفض أي : تنفرق ، أو تفرق القلوب لمن اشتغل بها. والمسوّمة : المعلمة أو الراعية أو المطهمة الحسان.
يقول الحق جل جلاله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ) والركون إلى المألوفات ، حتى صرفهم ذلك عن النظر والاعتبار ، أو الشهود والاستبصار ، وذلك لمن وقف مع متعتها ، وغرته شهوة لذتها ، وأما من ذكرته نعيم الجنان ، وأعانته على طاعة الملك الديان ، فلم يقف مع متعتها ، ولا التفت إلى عاجل شهوتها ، بل نزل إليها بالإذن والتمكين ، والرسوخ فى اليقين ، فلا يشمله تحذير الآية ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «حبّب إلىّ من دنياكم ثلاث ...» الحديث.
وقال بعض الأولياء : [كل شهوة تحجب القلب عن الله ، إلا شهوة الجماع] يعنى الحلال ، وقال الورتجبي : ابتلاهم حتى يظهر الصادق بترك هذه الشهوات ، من الكاذب بالشروع فى طلبها ، قيل : من اشتغل بهذه الأشياء قطعته عن طريق الحق ، ومن استصغرها وأعرض عنها ، عوض عليهاالسلامة منها ، وفتح له الطريق إلى الحقائق. ه.
ثم بدأ برأس الشهوات فقال : (مِنَ النِّساءِ) وذلك لمن شغف بهن فصرف عن ذكر الله ، أو تناولهن على وجه الحرام. وفى الخبر عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «ما تركت فى الناس بعدي فتنة أضرّ على الرّجال من النّساء». وفى خبر آخر : «النظر إلى محاسن المرأة من سهام إبليس». ومن ثمّ جعلن فى القرآن عين الشهوات ، قال تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ).
وقال بعض العارفين : ما أي الشيطان من إنسان قط إلا أتاه من قبل النساء. وقال على رضى الله عنه : أيها الناس ، لا تطيعوا للنساء أمرا ، ولا تدعوهنّ يدبرن أمر عيش ، فإنهن إن تركن وما يردن أفسدن الملك ، وعصين المالك ، وجدناهن لا دين لهن فى خلواتهن ، ولا ورع لهن عند شهواتهن ، اللذة بهن يسيرة ، والحيرة بهن كثيرة ، فأما صوالحهن ففاجرات ، وأما طوالحهن فعاهرات ـ أي : زانيات ـ ، وأما المعصومات فهن المعدومات ، يتظلمن وهن