«نعم» لتقرير الذي قبلها |
|
إثباتا أو نفيا ، كذا قرّروا |
«بلى» جواب النفي لكنه |
|
يصير إثباتا ، كذا حرّروا |
يقول الحق جل جلاله : (وَقالُوا) أي : بنو إسرائيل فى أمانيهم الباطلة : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) أربعين يوما مقدار عبادة العجل ، ثم يخلفنا فيها المسلمون. قال الحق جل جلاله : (قُلْ) لهم يا محمد : (أَتَّخَذْتُمْ) بذلك عهدا عند الله (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ـ (بَلى) تمسكم النار وتخلدون فيها ؛ لأن (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) أي : كفرا ومات عليه ، (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) أي : أحدقت به ، واستولت عليه ، (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بما نزل على محمد صلىاللهعليهوسلم (وَعَمِلُوا) بشريعته المطهرة الأعمال (الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) هذه عادته تعالى ؛ إذا ذكر فريقا شفع بضده ترغيبا وترهيبا وبالله التوفيق.
الإشارة : اعلم أن كثيرا من الناس يعتمدون على صحبة الأولياء ، ويطلقون عنان أنفسهم فى المعاصي والشهوات ، ويقولون : سمعنا من سيدى فلان يقول : من رآنا لا تمسه النار. وهذا غلط وغرور ، وقد قال ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لابنته : «يا فاطمة بنت محمّد ، لا أغنى عنك من الله شيئا ، اشترى نفسك من الله». وقال للذى قال : ادع الله أن أكون رفيقك فى الجنة فقال له : «أعنّى على نفسك بكثرة السّجود». نعم ، هذه المقالة : إن صدرت من ولى متمكن مع الله فهى حق ، لكن بشرط العمل ممن رآه بالمأمورات وترك المحرمات ، فإن المأمول من فضل الله ، ببركة أوليائه ، أن يتقبل الله منه أحسن ما عمل ، ويتجاوز عن سيئاته ، فإن الأولياء المتمكنين اتخذوا عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ؛ وهو أن من تعلق بهم وتمسك بالشريعة شفعوا فيه.
والغالب على من صحب أولياء الله المتمكنين ـ الحفظ وعدم الإصرار ، فمن كان كذلك لا تمسه النار ، وفى الحديث : «إذا أحبّ الله عبدا لم يضرّه ذنب» ، يعنى : يلهم التوبة سريعا ، كما قيل لأهل بدر : «افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم». ولا يتخذ عند الله العهد إلا أهل الفناء والبقاء ، لأنهم بالله فيما يقولون ، فليس لهم عن أنفسهم إخبار ، ولا مع غير الله قرار ، وأما من لم يبلغ هذا المقام فلا عهد له ؛ لأنه بنفسه ، فمن تعلق بمثل هذا فهو على خطر ، وبالله التوفيق.