وغير ذلك ، أو مواعيد فارغة ، ومطامع خاوية ، سمعوها منهم ، من أن الجنة لا يدخلها إلا هم ، وأن النار لا تمسهم إلا أياما معدودة ، وغير ذلك من أمنيتهم الفارغة وأمانيهم الباطلة. والله تعالى أعلم.
الإشارة : اعلم أن المنكرين على أهل الخصوصية ثلاث فرق : أهل الرئاسة المتكبرون ، والفقهاء المتجمدون ، والعوام المقلدون ، يصدق عليهم قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ) ؛ إذ لا علم عندهم يميزون به المحق من المبطل ، وإنما هم مقلدون ، فوزرهم على من حرمهم بركة الاعتقاد ، وأدخلهم فى شؤم الانتقاد ، ولقد أحسن «ابن البنا» حيث قال فى شأن أهل الإنكار :
واعلم رعاك الله من صديق |
|
أنّ الورى حادوا عن التحقيق |
إذ جهلوا النفوس والقلوب |
|
وطلبوا ما لم يكن مطلوبا |
واشتغلوا بعالم الأبدان |
|
فالكلّ ناء منهم ودان |
وأنكروا ما جهلوا وزعموا |
|
أن ليس بعد الجسم شىء يعلم |
وكفّروا وزندقوا وبدّعوا |
|
إذا دعاهم اللّبيب الأورع |
كلّ يرى أن ليس فوق فهمه |
|
فهم ولا علم وراء علمه |
محتجبا عن رؤية المراتب |
|
علّ يسمى عالما وطالب |
هيهات هذا كلّه تقصير |
|
يأنفه الحاذق والنّحرير |
ثم توعّد أهل التحريف من الأحبار ، فقال :
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩))
قلت : (ويل) : كلمة يستعملها كل واقع فى هلكة ، وأصلها العذاب والهلكة ، وهو فى الأصل مصدر لا فعل له ، وسوغ الابتداء به الدعاء ، وقال أبو سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «الويل واد فى جهنّم» [لو سيرت فيه جبال الدنيا لانماعت] (١).
__________________
(١) انماعت : أي ذابت. قلت : والعبارة التي بين المعكوفتين ليست من الحديث المذكور ، بل هى من كلام عطاء بن يسار ، كما فى تفسير الطبري والواحدي ، أو من كلام أبى سعيد الخدري ، كما فى تفسير البغوي.