وقوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
تعليل لسؤالهما ؛ فإنّ الناس بحسب فطرتهم وقريحتهم يستأنسون بالمحسنين منهم ؛ لإذغانهم بصفاء فطرتهم وقريحتهم ؛ لصدقهم في القول والفعل وصلاحهم.
وفي الكافي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : كان يوسّع في المجلس ، ويستقرض للمحتاج ، ويعين الضعيف. (١)
وفي تفسير القمّي : عنه [ـ عليهالسلام ـ] : كان يقوم على المريض ، ويلتمس للمحتاج ، ويوسّع على المحبوس. (٢)
وفي تفسير العيّاشي : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : لمّا أمر الملك بحبس يوسف في السجن ، ألهمه الله تعالى علم تأويل الرؤيا ، فكان يعبّر لأهل السجن رؤياهم ، وإنّ فتيين أدخلا معه السجن يوم حبسه ، لما باتا أصبحا فقالا له : إنّا رأينا رؤيا فعبّرها لنا ، فقال وما رأيتما ، فقال : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي). (٣)
قوله سبحانه : (قالَ لا يَأْتِيكُما)
أراد بذلك أن يقوم على وظيفة الرسالة ، من دعوتهما إلى التوحيد ، ودلالتهما إلى الدين القيم ، فقدّم في الكلام معهما ما يدلّ على علمه بالمغيّبات من مستقبل الأمور ؛ ليدلّ ذلك على صدقه في الدعوة والتعبير ، فقال : (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) ، وهذا
__________________
(١). الكافي ٢ : ٦٣٧ ، الحديث : ٣.
(٢). تفسير القمّي ١ : ٣٧٣.
(٣). تفسير العياشى ٢ : ١٧٩.