بيوسف ليعذّبه ، فقال له يوسف : وإله يعقوب! ما أردت بأهلك سوءا ، بل هي راودتني عن نفسي فسل هذا الصبيّ أينّا راود صاحبه عن نفسه؟ ، قال : وكان عندها صبيّ من أهلها زائر لها ، فانطق الله الصبيّ لفصل القضاء فقال : أيها الملك أنظر إلى قميص يوسف ، فإن كان مقدودا في قدّامه فهو الذي راودها ، وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته ، فلمّا سمع الملك كلام الصبيّ وما اقتصّ فزعه ذلك فزعا شديدا ، فجيء بالقميص فنظر إليه ، فلما رآه مقدودا من خلفه قال لها : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)، وقال ليوسف : (أَعْرِضْ عَنْ هذا) ولا يسمعه منك أحد واكتمه ، قال : فلم يكتمه يوسف ، وأذاعه في المدينة ، حتّى قلن نسوة منهنّ (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ)، فبلغها ذلك فأرسلت إليهنّ وهيّأت لهنّ طعاما ومجلسا ، ثمّ أتتهنّ بأترج ، (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ،) ثمّ قالت ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ) ، ما قلن ، فقالت : لهنّ هذا (الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ،) تعني في حبّه ، وخرجن النسوة من عندها ، فأرسلت كلّ واحدة منهنّ ليوسف سرّا من صواحبها تسأله الزيارة ، فأبى عليهنّ وقال : (إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) فصرف الله عنه كيدهنّ. (١)
*
__________________
(١). علل الشرائع ١ : ٤٨ ، الباب : ٤١ ، العلّة التي من أجلها امتحن الله عزوجل يعقوب.