في المجمع عن الباقر ـ عليهالسلام ـ : إنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ لمّا نظر إلى كثرة عدد المشركين وقلّة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال : اللهمّ أنجز لي ما وعدتني ، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف ربّه مادّا يديه حتّى سقط رداءه عن منكبيه ، فأنزل الله (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ) (١)
قوله سبحانه : (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)
الردف والمرتدف ، هو الذي يركب خلف الراكب ، والإرداف أخذه ردفا ، ويكنّى به عن إتباع شيء شيئا ، ففي الآية دلالة على أنّ هؤلاء الملائكة كان يتبعهم آخرون كما قيل ، فلا ينافي قوله في سورة آل عمران : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ* بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ). (٢)
قوله : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ)
النعاس : النوم الخفيف ، وهو السنة ، والأمنة : الأمن.
قوله : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ)
لا يبعد أن يكون الضرب فوق الأعناق كناية عن تذليلهم وإحباط حميّتهم ، وضرب البنان كناية عن تسليط الرعب عليهم فلا يمسك أيديهم السلاح ، ولذا
__________________
(١). مجمع البيان ٤ : ٨٠٧ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٢٨٩.
(٢). آل عمران (٣) : ١٢٣ ـ ١٢٥.