وأقبلت قريش وبعثوا عبيدها ليستقوا من الماء ، فأخذهم أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وقالوا لهم : من أنتم؟ قالوا : نحن عبيد قريش ، قالوا : فأين العير؟ قالوا : لا علم لنا بالعير ، فأقبلوا يضربونهم ، وكان رسول الله يصلّي ، فانفتل من صلاته وقال : إن صدقوكم ضربتموهم وإن كذبوكم تركتموهم ، فأتوه بهم.
فقال لهم : من أنتم؟ قالوا : يا محمّد نحن عبيد قريش ، قال : كم القوم؟ قالوا : لا علم لنا بعددهم ، قال : كم ينحرون في كلّ يوم من جزور؟ قالوا : تسعة إلى عشرة ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : القوم تسعمائة إلى ألف رجل ، وأمر ـ صلىاللهعليهوآله ـ بهم فحبسوا ، وبلغ ذلك قريشا ففزعوا وندموا على مسيرهم ، ولقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام.
فقال : أما ترى هذا البغي؟! والله ما أبصر موضع قدمي ، خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت ، فجئنا بغيا وعدوانا ، والله ما أفلح قوم بغوا قطّ ، ولوددت أنّ ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهبت ولم نسر هذا المسير.
فقال له أبو البختري : إنّك سيّد من سادات قريش فسر في الناس وتحمّل العير التي أصابها محمّد وأصحابه بنخلة ودم ابن الحضرمي ، فإنّه حليفك.
فقال له : عليّ ذلك ، وما على أحد منّا خلاف إلّا ابن الحنظليّة يعني أبا جهل فصر إليه وأعلمه أنّي قد حملت العير ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلى عقله.
قال : فقصدت خباءه وبلّغته ذلك ، فقال : إنّ عتبة يتعصّب لمحمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، فإنّه من بني عبد مناف وابنه معه يريد أن يخذل بين الناس ، لا واللّات والعزّى حتّى نقحم عليهم يثرب ، أو نأخذهم اسارى فندخلهم مكّة وتتسامع العرب بذلك ؛ وكان أبو حذيفة بن عتبة مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، وكان أبو سفيان لمّا جاز بالعير بعث إلى قريش قد نجّى الله عيركم