محمّدا ـ صلىاللهعليهوآله ـ والصباة من أهل يثرب خرجوا يتعرّضون لعيركم.
فتهيّأوا للخروج ، وما بقي أحد من عظماء قريش إلّا أخرج مالا لتجهيز الجيش وقالوا : من لم يخرج نهدم داره ، وخرج معهم العبّاس بن عبد المطّلب ، ونوفل بن الحرث بن عبد المطّلب ، وعقيل بن أبي طالب وأخرجوا معهم القيان يضربون الدفوف ، وخرج رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فلمّا كان بقرب بدر أخذ عينا للقوم فأخبره بهم.
وفي حديث أبي حمزة : بعث رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أيضا عينا له على العير إسمه عديّ ، فلمّا قدم على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فأخبره أين فارق العير ، نزل جبرئيل على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فأخبره بنفير المشركين من مكّة ، فاستشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير ، فقام أبو بكر فقال : يا رسول الله ، إنّها قريش وخيلائها ، ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلّت منذ عزّت ، ولم نخرج على هيئة الحرب.
وفي حديث أبي حمزة قال أبو بكر : أنا عالم بهذا الطريق فارق عديّ العير بكذا وكذا وساروا وسرنا فنحن والقوم على ماء بدر يوم كذا وكذا ، كأنّا فرسا رهان ، فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : إجلس فجلس ، ثمّ قام عمر فقال مثل ذلك ، فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : إجلس فجلس ، ثمّ قام المقداد وقال : يا رسول الله ، إنّها قريش وخيلائها وقد آمنّا بك وصدّقنا وشهدنا أنّ ما جئت به حقّ ، والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضى (١) وشوك الهراس (٢) لخضناه معك ، والله لا نقول
__________________
(١). الغضى : شجر ، والمراد الجمر الحاصل من ناره ، والهراس : شجر ذو شوك [منه ـ رحمهالله ـ].
(٢). الجمر : النار المتّقدة ؛ والغضا : شجر عظيم من الإثل ، واحدته غضاة ، وخشبه من اصل الخشب ولهذا يكون في فحمه صلابة ، وجمره يبقى زمانا طويلا لا ينطفىء ؛ والهراس : شجر شائك.