أقبل أبو سفيان بعير قريش من الشام وفيها أموالهم وهي اللطيمة (١) وفيها أربعون راكبا من قريش ، فندب النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ أصحابه للخروج إليها ليأخذوها ، وقال : لعلّ الله أن ينفلكموها ، فخفّ بعضهم وثقل بعضهم ولم يظنّوا أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ يلقي كيدا ولا حربا ، فخرجوا لا يريدون إلّا أبا سفيان ، والركب لا يرونها إلّا غنيمة لهم ، فلمّا سمع أبو سفيان بمسير النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكّة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم ويخبرهم أنّ محمّدا ـ صلىاللهعليهوآله ـ قد تعرّض لعيرهم في أصحابه.
فخرج ضمضم سريعا إلى مكّة ، وكانت عاتكة بنت عبد المطّلب رأت فيما يرى النائم قبل مقدم ضمضم بن عمرو بثلاث ليال أنّ رجلا أقدم على بعير له ينادي يا آل غالب اغدوا إلى مصارعكم ، ثمّ وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل ، فما ترك دارا من دور قريش إلّا أصابته منه فلذة.
فانتبهت فزعة من ذلك وأخبرت العبّاس بذلك ، فأخبر العبّاس عتبة بن ربيعة.
فقال عتبة : هذه مصيبة تحدث في قريش وفشت الرؤيا فيهم ، وبلغ ذلك أبا جهل.
فقال : هذه نبيّة ثانية في بني عبد المطّلب ، واللات والعزّى لننظرنّ ثلاثة أيّام فإن كان ما رأت حقّا وإلّا لنكتبنّ كتابا بيننا أنّه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ونساء من بني هاشم.
فلمّا كان اليوم الثالث أتاهم ضمضم يناديهم بأعلى الصوت يا آل غالب! يا آل غالب! اللطيمة اللطيمة! العير العير! أدركوا وما أراكم تدركون إنّ
__________________
(١) اللطيمة : المسك ونافجة المسك ، وقيل : العير التى تحمل الطيب وبز التجّار.