مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (١) وقال تعالى : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (٢) وقال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ) (٣).
وفي القرآن آيات كثيرة في ذلك ، ومن هذا القبيل قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٤) وقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٥).
ويستنتج من هذا أنّ لكلّ أمّة حياة دنيويّة مؤجّلة ربّما سعدت في آخرها بما أسلفته في أوّلها ، وربّما شقيت بما كسبته في حين من أحيان عمرها ، ويوم من أيّام حياتها حينا آخرا ويوما آخر ، قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) (٦) ، كما أنّ الفرد من الإنسان يجني في شيبه ما قد غرسه في شبابه ، ويحصد يوما ما قد زرعه يوما.
وبالجملة فهذا حكم جار في الفرد والأمّة على حدّ سواء ، وإن كان هناك بعض الفروق والمميّزات بحسب ما يليق بموضوع الحكم ، كما أنّ وصف الفرد وصف نفسه ، ووصف الأمّة وصف الشايع الغالب من أفراده ، وكما أنّ الفرد ربّما لم يتّصف بوصفين متقابلين كالسعادة والشقاء والمدح والذم ، والأمّة قد تتّصف
__________________
(١). الاسراء (١٧) : ٥٨.
(٢). هود (١١) : ١٠٢.
(٣). الأعراف (٧) : ٩٦.
(٤). النساء (٤) : ٩.
(٥). الشورى (٤٢) : ٣٠.
(٦). آل عمران (٣) : ١٤٠.