قوله سبحانه : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً)
خصّ هاتان الصفتان من بين سائر صفاته ككونه جسما وذا مكان وزمان وشكل ومحدودا وغير ذلك ، مع أنّ الجميع ينافي الإلهيّة (١) لكون هذين الوصفين من أوضح لوازم الإلهيّة عند من يتخذ شيئا إلها ؛ فإنّه يتّخذه إلها ليعتنى به ويهديه إلى السعادة ، وإلّا فلا معنى للرجوع إلى من يكون الرجوع والتألّه إليه واللارجوع على السواء ، وقد قال السامريّ لهم حين أخرجه إليهم : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى) (٢) ، وقد علموا من موسى أنّ الله يكلّمه ويهديه إلى صراط مستقيم ، ولذلك عقّب الكلام بقوله تعالى : (اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ) ، فأتى بالفصل دون الوصل ، فكأنه قيل : فلم اتخذوه إلها وأمره بهذا الوضوح من الفساد؟ فقيل : اتّخذوه إلها وكانوا ظالمين من قبل ، وكان لا يبعد عنهم مثل هذا الصنيع كلّ البعد.
قوله سبحانه : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ)
كناية عن اشتداد ندمهم ، فإنّ النادم المتحسّر يعضّ على يده غمّا ، فتصير يده مسقوطا فيها كما قيل.
قوله : (غَضْبانَ أَسِفاً)
الأسف : الحزن وشدّة الغضب.
__________________
(١). في المخطوط : أنّ الجميع الإلهية ، والصحيح ما أثبتناه ، كما يظهر من ملاحظة الميزان في تفسير القرآن ٨ : ٢٤٩ ذيل الآية.
(٢). طه (٢٠) : ٨٨.