الله منزّه عن أن يرى بالأبصار ولكنّه لمّا كلّمه الله وقرّبه نجيّا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله كلّمه وقرّبه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعته ، وكان القوم سبعمائة ألف ، فاختار منهم سبعين ألفا ، ثم اختار منهم سبعة الآف ، ثم اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربّه ، فخرج بهم إلى طور سيناء ، فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى إلى الطور وسأل الله أن يكلّمه ويسمعهم كلامه ، وكلّمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ، لأنّ الله أحدثه في الشجرة ثمّ جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه.
فقالوا : لن نؤمن بأنّ هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة ، فلمّا قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا ، بعث الله عليهم صاعقة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا.
فقال موسى : يا ربّ ما أقول لبني اسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنك ذهبت بهم فقتلتهم ؛ لأنك لم تك صادقا فيما ادّعيت من مناجاة الله إيّاك ، فأحياهم وبعثهم معه.
فقالوا : إنّك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك فتخبرنا كيف هو ونعرفه حق معرفته ، فقال موسى : يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفيّة له ، وإنّما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه.
فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله.
فقال موسى : يا ربّ إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت اعلم بصلاحهم ، فأوحى الله إليه : يا موسى سلني ما سألوك فلن أؤ اخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ