تعالى ، ولذلك تراه ـ عليهالسلام ـ في طيّ هذا البيان تارة ينسب الحمل إلى الحملة وتارة ينسبه إليه سبحانه : إنّ كلّ شيء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته ، فلجميع الأشياء وجهان :
وجه إلى الله سبحانه وهو أنّها فعله وأمره الواحد ، وهو بهذا الإعتبار نوره وعظمته وقدرته الفعلية.
ووجه إلى الخلق وهو تفاصيل الموجودات والأشياء ، وهي بهذا الوجه الثاني محمولة للوجه الأوّل أو لله سبحانه بالوجه الأول ، وكذا محمولة للحملة ، الذين أخضر الله عندهم نوره وعظمته وقدرته وكشف لهم عنها ، فالعرش في قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ، بمعنى الملك ، وفي قوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ) (١) ، بمعنى العلم ، وهما مع ذلك شيء (٢) واحد ، وهو المقام الذي يحفظ عنده الأشياء ، وهو محمول له سبحانه لذاته ، ولغيره من الحملة بتحميله تعالى إيّاه لهم.
قوله ـ عليهالسلام ـ «فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، ـ يريد ـ عليهالسلام ـ : أنّ هذا المقام مقام ينشأ ، عنه تدبير نظام السعادة في سير السعداء في عالمهم ، وهكذا تدبير نظام الشقاء والعدوان في سير الأشقياء والجهلاء في عالمهم ، بل ينشأ عنه نظام قافلة الوجود جميعا في سيرهم منذ ابتدأوا منه إلى أن ينتهوا إليه ويقفوا دونه ، وهذا هو الذي استظهرناه سابقا في معنى العرش.
وقوله : «وهو حياة كلّ شيء ، ونور كل شيء» ، تأكيد لما بيّنه من معنى إحاطته وحمله ، إنّ الله سبحانه به حياة كل شيء وهو ما به وجوده ، ونور كلّ
__________________
(١). الحاقة (٦٩) : ١٧.
(٢). الأصل غير مقروء ولعلّه «معنى».