شَمائِلِهِمْ) بلفظة : (عَنْ).
قيل في وجهه : إنّ
الملكين الكاتبين للأعمال لمّا كانا قاعدين عن اليمين والشمال لا يقرب الشيطان منهما
، بل يتباعد عنهما.
أقول : وهو وجه غير مغن فإنّ التعدية ب (عن) غير مختص بإتيان
الشيطان ؛ بل مطّرد في غيره ، كما في قوله تعالى : (يَتَفَيَّؤُا
ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ) ، وقوله : (إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) ، وقوله : (قالُوا إِنَّكُمْ
كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) .
وقيل : إنّ اختلاف الحروف في التعدية لغة تؤخذ ولا تقاس ، إنما
يفتّش عن صحّة موقعها فقط ، فلمّا سمعناهم يقولون : جلس عن يمينه وعلى يمينه ، وعن
شماله وعلى شماله قلنا معنى على يمينه : إنّه تمكّن من جهة اليمين تمكّن المستعلي
من المستعلى عليه ، ومعنى عن يمينه : إنّه جلس متجافيا عن صاحب اليمين منحرفا عنه
غير ملاصق له ، ثم كثر حتى استعمل في المتجافي وغيره. إنتهى .
أقول : وهو غير واف ، فإنّ السؤال باق بعد ، فإنّ الوجه الذي
ذكره يمكن انطباقه على ما بين الأيدي وعلى الخلف فتخصيص الإثنين من بين الأربعة لا
بدّله من وجه.
ويمكن أن يقال :
إنّ معنى التجاوز متقدّم بظهور بعد خفاء وهو إنّما يتمّ في جانبي اليمين والشمال ،
وأمّا ما بين الأيدي ففيه معنى الظهور فقط ، وأمّا الخلف
__________________