عندهم ويسائلهم ، ولم يكن بأحد منهم أشدّ أنسا منه بيحيى بن زكريا ، فقال له يحيى : يا أبا مرّة إنّ لي إليك حاجة ، فقال له : أنت أعظم قدرا من أن أردّك بمسألة فاسألني (١) ما شئت فإنّي غير مخالفك في أمر تريده ، فقال يحيى : يا أبا مرّة ، أحبّ أن تعرض عليّ مصائدك وفخوخك التي تصطاد بها بنى آدم ، قال له إبليس : حبّا وكرامة وواعده لغد.
فلّما أصبح يحيى قعد في بيته ينتظر الوعد (٢) وأغلق (٣) عليه الباب اغلاقا ، فما شعر حتى ساواه من خوخة كانت في بيته ، فإذا وجهه صورة وجه القرد ، وجسده على صورة الخنزير ، وإذا عيناه مشقوقتان طولا (٤) ، وإذا أسنانه وفمه مشقوقات طولا (٥) عظما واحدا بلا ذقن ولا لحية ، وله أربعة أيد ، يدان في صدره ، ويدان في منكبه ، وإذا عراقيبه قوادمه ، وأصابعه خلفه ، وعليه قباء ، وقد شدّ وسطه بمنطقة فيها خيوط معلّقة بين (٦) أحمر وأصفر وأخضر (٧) وجميع الألوان ، وإذا بيده جرس عظيم ، وعلى رأسه بيضة ، وإذا في البيضة حديدة معلّقة شبيهة بالكلّاب ، فلمّا تأمله يحيى ـ عليهالسلام ـ قال له : ما هذه المنطقة التي في وسطك ، فقال : هذه المجوسيّة أنا الذي سننتها وزيّنتها لهم ، فقال له : ما هذه (٨) الخطوط (٩)
__________________
(١). في المصدر : «فسلني»
(٢). في المصدر : «الموعد»
(٣). في المصدر : «وأجاف»
(٤). في المصدر : «وفمه مشقوق طولا»
(٥). في المصدر : ـ «مشقوقات طولا»
(٦). في المصدر : «من بين»
(٧). في المصدر : «وأخضر وأصفر»
(٨). في المصدر : «فما»
(٩). في المصدر : «الخيوط»