عَنِ الْقَرْيَةِ) ، إلى قوله : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ) (١) ، على ما قيل ، فوجه الكلام فيها إلى المؤمنين والكفّار ، غير أهل الكتاب ، وإن كان ربّما مسّهم الخطاب بعض المس ، فالبيان فيها يدور بين أمرين.
أحدهما : حجة تدعو إلى الإتّباع من احتجاج أو موعظة أو حكمة أو قصّة وعبرة ، كقصة آدم وإبليس ، وقصص نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى ـ عليهمالسلام ـ.
وثانيهما : ذكرى بعد الإتباع كالآيات الداعية إلى ذكر ما نسيه الإنسان من مقام ربّه وما عهد به إليه ، والسورة تشتمل مع ذلك على طرف عال من المعارف الإلهيّة ، منها وصف الساعة والميزان والأعراف ، وذكر الأسماء الحسنى ، وذكر العرش ، ووصف عالم الذرّ والميثاق ، وذكر التجلّي ووصف الذاكرين.
قوله سبحانه : (لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)
من قبيل براعة الإستهلال لنوعي البيان الذي تشتمل عليه السورة ، وهما الإحتجاج والتذكير على ما عرفت آنفا ، فقوله : (لِتُنْذِرَ بِهِ) أي لتحتج عليهم بالإنذار ، وقوله : (وَذِكْرى) ، أي ليكون ذكرى لهم ، رافعا لنسيانهم ، وسيعود سبحانه في آخر السورة إلى ما يدعو به أولها.
قوله : (بَياتاً)
قال في الصحاح بيّت العدّو : أي أوقع بهم ليلا ، والإسم البيات (٢) ، فهو مفعول
__________________
(١). الأعراف (٧) : ١٦٣ ـ ١٧١.
(٢). الصحاح ١ : ١١٥٥.