أقول : ولا منافاة بين الأحاديث لاشتمال الجامعة الفاسدة على أقسام بطبعها.
قوله سبحانه : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى)
في تفسير العياشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : «اولئك كانوا قوما بين عيسى ومحمد ـ صلىاللهعليهوآله ـ ينتظرون مجيء محمد ـ صلىاللهعليهوآله ـ» (١).
وفي تفسير القمي كان سبب نزولها أنّه لمّا اشتدّت قريش في أذى رسول الله وأصحابه الذين آمنوا بمكة قبل الهجرة ، فأمرهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أن يخرجوا إلى الحبشة ، وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم ، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر ، فلمّا بلغ قريش خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردّهم إليهم ، وكان عمرو وعمارة متعاديين ، فقالت قريش : كيف نبعث رجلين متعاديين ، فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة ، وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص ، فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابا مترفا ، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه ، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر ، فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لأهلك : تقبّلني ، فقال عمرو : أيجوز هذا؟ سبحان الله! [فسكت عمارة] ، فلمّا إنتشأ عمرو ـ وكان على صدر السفينة ـ ، فدفعه عمارة وألقاه في البحر فتشبّث عمرو بصدر السفينة وأدركوه فأخرجوه.
فوردوا على النجاشي وقد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم ، فقال عمرو بن
__________________
(١). تفسير العياشي ١ : ٣٣٥ ، الحديث : ١٦٢.