والذي عدّه عبد الله بن سلام وأصحابه من رفض قومهم إيّاهم وإيلائهم أن لا يخالطوهم بالمجالسة والمناكحة والتكليم ، يؤيّد ذلك.
وثالثا : إنّ كونها بمعنى المحبة ينتج ولاية الإطاعة والتصرّف ، بيان ذلك : إنا نفرضها بمعنى المحبة والمودّة ، لكن ليس من الجائز أن تكون هي المحبة العامّة بين المؤمنين المندوب إليها بقوله : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١).
فهل كان من ظنّ عبد الله بن سلام وأصحابه أنّ قومهم أوليائهم دون الله ورسوله وأمير المؤمنين ، أو قومهم وهؤلاء جميعا دون غيرهم من المؤمنين ، حتى يحمل الكلام على قصر القلب أو الإفراد ، أو أنّه لم يكن بين المؤمنين وهم ألوف وألوف ، وفيهم النقباء والسابقون الأولون من المهاجرين والبدريّون مؤمن واحد بالحقيقة غيره ـ عليهالسلام ـ ، أو أنّ الولاية ناسخة أو منسوخة بقوله : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢) فأي نفس ترضى أو عقل يجوّز النسخ في ذلك.
فليس إلّا أنّ كلا من الخطابين حقّ مع الآخر وفي جنبه ، فينتج الإنضمام بينهما معنى الوساطة.
قيل : يجب على كلّ مؤمن أن يقصر موالاته ومحبّته من بين الناس على المؤمنين خاصّة ، ثم قيل : يجب أن يقصرها على أمير المؤمنين خاصّة مع الله ورسوله وكان طبع نوع هذا المقال بأسلوبه لا يصحّ ، إلّا إذا كان ذلك الفرد المقصور عليه الوصف أصلا فيه وذا حقيقته ، وغيره إنّما علّق به الوصف بعرضه ووساطته ، فيكون حبّ الأصل حبّا لفروعه وغير منفكّ عنه ، وحبّ الفروع لأجل الأصل ، ولا يكون ذلك البتة ، إلّا إذا لم يكن عند هذا الأصل إلّا ما هو
__________________
(١). التوبة (٩) : ٧١.
(٢). التوبة (٩) : ٧١.