فقال عبد الله بن أبيّ : ابعثوا معي رجلا يسمع كلامي وكلامه ، فإن حكم لكم بما تريدون ، وإلّا فلا ترضوا به ، فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال : يا رسول الله! إنّ هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وميثاقا فتراضوا به ، والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم ، فإنّ النضير (١) لهم القوّة والسلاح والكراع ، ونحن نخاف (٢) الدوائر ، فاغتمّ لذلك رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ولم يجبه بشيء ، فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات :
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) يعني اليهود ، (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) يعني عبد الله بن أبيّ وبني النضير ، (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) يعني عبد الله بن أبيّ حيث قال لبني نضير : إن لم يحكم لكم بما تريدونه فلا تقبلوا ، (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) إلى آخر الآيات (٣).
وقد تقدّمت رواية اخرى عن المجمع (٤) في قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا) (٥) من هذه السورة.
__________________
(١). في المصدر : «بني النضير»
(٢). في المصدر : + «الغوافل»
(٣). تفسير القمّي ١ : ١٦٨ ـ ١٦٩ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٣٩٥.
(٤). مجمع البيان ٣ : ٣٣٣ ـ ٣٣٥.
(٥). المائدة (٥) : ١٥.